كتبت قبل عام وبالتحديد في 31 ديسمبر 2012 معلقًا علي دستور الإخوان وقلت: 'ألغي إسماعيل باشا صدقي دستور 1923 وطبخ وسلق دستور 1930 الذي يكرس لحكم الملك فؤاد، وهو الدستور الذي أسقطه الشعب المصري مع حكومة صدقي سنة 1933، فأين ذهب صدقي؟!!.. وأين ذهب دستوره؟!!.. وفي أي صفحات التاريخ كتب المؤرخون عن صدقي ودستوره؟!!.. يا سادة: دستوركم باطل وحتمًا سيُسقطه الشعب ويُسقط من أقره وطنطن له.. ومع التطور التكنولوجي وعصر السرعة لن يصمد الإخوان ودستورهم 3 سنوات كما صمد دستور حبيبهم صدقي'. بالفعل.. لم يصمد الإخوان ودستورهم طويلا، فمصر التي واجهت كل أشكال القهر والظلم والاحتلال أثبتت أنها عصية علي الكسر، وقبل أن يمر عام علي وصول الجماعة إلي سدة الحكم، وبعد 6 أشهر فقط علي تمرير 'دستور الغرياني' أو كما كان يطلق عليه البسطاء دستور 'آخر الليل'، خرجت الملايين في مظاهرات لم يشهد العالم مثلها من قبل، ليطيحوا بجماعة الإخوان وصبيانها من القوي السياسية مدفوعة الأجر الذين تصوروا أن بإمكانهم السطو علي ثورة 25 يناير، والانفراد بمقاليد الحكم في البلاد، واستنساخ نظام مبارك من جديد. ثلاث سنوات مرت، عاني فيها الشعب المصري طويلا.. دفع المصريون أثمانًا باهظة من أمنهم وقوت يومهم ودماء أبنائهم، واليوم تفصلهم أيام قليلة عن إقرار دستورهم الذي يليق بهم، وجني أولي ثمار ثورتهم في 25 يناير و30 يونية، وتأسيس دولتهم التي طالما حلموا بها، واستكمال مسيرتهم نحو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني.. وهي المطالب التي خرجوا من أجلها وقدموا التضحيات لتحقيقها. الكثيرون يروجون لمسودة 'لجنة الخمسين' من باب استكمال مسيرة ثورة 30 يونية وقطع الطريق علي الإخوان وأسيادهم الأمريكان، والإطاحة بآخر آمال الجماعة في جر البلاد إلي المجهول، وهؤلاء وإن كان لديهم الحق، خاصة أن عدم إقرار مسودة الدستور يدخل بالبلاد إلي نفق مظلم، إلا أن هذا لا ينفي أننا حقًا أمام مشروع دستور يليق بتضحيات المصريين قبل وبعد ثورة يناير ويونية. فمسودة الدستور التي هي بين أيدينا الآن تضم في تقديري أفضل النصوص الدستورية التي عرفتها مصر منذ أن عرفت الدساتير، وأي مقارنة منصفة بين دستوري 1923 و1954 مثلا، وما تلاهما من دساتير وبين 'مسودة الخمسين' ستكون دون شك في صالح مشروع الدستور الجديد. أعرف بالطبع أن دستور 1923 يُضرب به المثل في التطور الدستوري والسياسي، حيث نقل نظام الحكم في مصر من الحكم المطلق إلي الحكومة الدستورية، وأسس قاعدة مفادها أن جميع السلطات مصدرها الأمة المصرية، وأكد مفهوم الدولة القانونية التي تقوم إلي حد ما علي توزيع السلطات بين الملك والحكومة والبرلمان وقتها. أعرف أيضا أن دستور 1954 الذي لم يرَ النور كان يُضرب به المثل في نصوصه التي تكفل للمصريين حقوقًا واسعة تجمع بين الحقوق الاجتماعية والسياسية.. حق المواطنين في التعليم المجاني والحق في العمل، وتوفير مستوي معيشة لائق في حالات البطالة والمرض والعجز والشيخوخة. لكن في المقابل جاءت وثيقة 'لجنة الخمسين' لتؤكد علي الحقوق السابقة وتضيف إليها المزيد من الحقوق، ومنها مثلا: إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، فقد نصت مسودة الدستور في المادة '67' علي أنه: 'لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري'، باستثناء جرائم النشر المتعلقة بالتحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، وأسندت للقانون تحديد العقوبة. كما أضافت المسودة العديد من النصوص التي تحفظ التوازن بين السلطات وتقلص صلاحيات الحاكم الفرد.. وإن كان دستور 1923 قد منح الملك رأس السلطة التنفيذية وقتها صلاحيات غير محدودة، من أبرزها حل الحكومة ومجلس النواب، وإن كان دستور 1954 لم يتخلص تمامًا من مسألة صلاحيات الرئيس بحكم الظرف التاريخي فإن مسودة لجنة الخمسين قلصت هذه الصلاحيات وقيدتها أو بالأحري رشدتها لتخلق توازنًا حقيقيًا بين السلطات. لقد جاءت وثيقة لجنة الخمسين لتكشف أمامنا عوار دستور الإخوان وحاشيتهم أو دستور 'آخر الليل' الذي أطلقوا عليه ظلمًا وعدوانًا دستور الثورة.. فعلي سبيل المثال لا الحصر حذفت مسودة الخمسين عبارة 'ربط الأجر بالإنتاج' التي مررها الإخوان في 'المادة 14' المتعلقة بالمقومات الاقتصادية، كما حذفت عبارة 'لا يستثني إلا بقانون' التي مررها الإخوان في نفس المادة للتحايل علي النص الخاص ب'الحد الأقصي للأجور في أجهزة الدولة'. وألغت مسودة الدستور الجديد المادة '219' التي كان من شأنها جرُّنا إلي متاهات دولة الفاشية الدينية التي لا يعرف أحد مداها، كما ألغت صلاحيات عديدة للرئيس ومنها مثلا تعيينه أعضاء المحكمة الدستورية، وتبعية جهاز الشرطة له، وغيرها. نأتي إلي المادة التي أثارت لغطًا كبيرًا، وهي الخاصة بحظر محاكمة المدنيين عسكريًا.. خاصة أن الإخوان وصبيانهم من القوي السياسية مدفوعة الأجر، هم من يحرضون ضد 'مسودة الدستور الجديد' بزعم أنها وسعت نطاق المحاكمات العسكرية.. في حين أن مقارنة بسيطة بين دستور 'آخر الليل' ووثيقة لجنة الخمسين تكشف أن المحاكمات العسكرية انحصرت في المشروع الجديد في الحدود التي تستوجب بالفعل المحاكمة أمام القضاء العسكري. فنص دستور الإخوان كان فضفاضًا إلي حد كبير، يمكن معه التعسف في استخدام الحق أو النص الذي يقول: 'لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة، ويحدد القانون تلك الجرائم ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخري'. ولا ندري وقتها إذا كان نشر خبر عن اختطاف الجنود السبعة مثلا أو انقلاب أتوبيس واستشهاد بعض الجنود يضر بالقوات المسلحة أم لا!!. لقد جاءت مسودة لجنة الخمسين فيما يتعلق بالمحاكمات العسكرية لتقيد هذا الحق إلي حد كبير وتحدده في جرائم بعينها، فيقول النص: 'لا تجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا علي المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا علي ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية وظائفهم'. كنت أفهم أن يحتج الإخوان علي الدستور الجديد من باب رفضهم لثورة 30 يونية التي أطاحت بهم، أو اعتراضهم علي المرحلة الانتقالية برمتها، لكن أن يطلقوا علينا صبيانهم ليختلقوا الأكاذيب حول الدستور ويشوهوا أعضاء لجنة الخمسين الذين بذلوا جهدًا يستحق الثناء والتقدير لا ينكره إلا جاحد فهذا يكشفهم أكثر وأكثر. ولعل أبرز ما جاء في مسودة دستور 'لجنة الخمسين' هو اعتبار 25 يناير و30 يونية ثورة واحدة، ليدحض ذلك مزاعم من يكذبون علي البسطاء ويقولون إن ما جري انقلاب علي ثورة يناير.. ليس هذا فقط بل جاء الدستور توافقيا رغم حالة الاستقطاب الشديدة التي يشهدها المجتمع المصري منذ الإعلان 'غير الدستوري' المكمل الذي أصدره محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012، وهو ما يضاف إلي رصيد لجنة الخمسين. بالطبع نحن أمام عمل بشري يحتمل الخلاف حول بعض الأمور، ولا يمكن أن يحظي بإجماع شعبي، لكن أي منصف يفهم جيدًا أننا أمام دستور في حال الموافقة عليه من الشعب يفتح أمامنا بوابة الانطلاق نحو استكمال خارطة المستقبل والتخلص من تبعات ما نعيشه هذه الأيام جراء حكم الإخوان. أي منصف يفهم جيدًا أننا أمام عقد اجتماعي، لم يكن يتوقع أحد أن يخرج بهذا الشكل الذي خرج عليه، خاصة في ظل الظروف الراهنة.. دستور جمع بين مزايا الدساتير السابقة وتخلص إلي حد كبير جدًا من عيوبها، دستور يؤسس لدولة ديمقراطية حديثة، ويعلي من سيادة القانون، ويضمن بشكل أكبر الحقوق والحريات، ويدفع باتجاه العدالة الاجتماعية، والاقتصادية ويحمي الاستقلال الوطني. علاء صادق وأم أيمن بعد دقائق من تداول خبر رحيل الشاعر والمناضل أحمد فؤاد نجم، شنَّت ميليشيات الجماعة الالكترونية هجومًا ضاريًا علي شاعرنا الكبير!!.. تعرضوا لحياته الشخصية وزوجاته وابنته نوارة.. حتي أن عزة الجرف، لم تحترم الأعراف والتقاليد المصرية والإنسانية التي تستهجن الشماتة في الموت ولم تحترم سنها وقالت: 'باع آخرته وخاتمته بدنيا غيره، ولم يجد قبرًا يسعه إلا مقابر الإخوان'!!'، لم يحترموه بقبر، وهذه طبيعة الانقلابيين، اللهم احشرهم معًا'!!. بينما قال علاء صادق: 'عاش أحمد فؤاد نجم 60 عامًا مقاومًا للاستبداد وتعرض لكل أنواع التنكيل والقمع والتعذيب، وشاء لله أن يموت مناصرًا للاستبداد'!!. تخيلوا.. عزة الجرف التي لا تملك أي تاريخ باستثناء أنها 'أم أيمن'، تهاجم المناضل أحمد فؤاد نجم.. وعلاء صادق الذي لم يعارض طوال 30 سنة من حكم مبارك إلا الكابتن حسام حسن راح يهاجم نجم بعد رحيله!!. رحم لله أحمد فؤاد نجم الذي تربينا وطنيًا علي أشعاره خصوصًا تلك التي كان يتغني بها الراحل الكبير الشيخ إمام.. ولا رحم لله تجار الدين. وبقدر ما أدهشتني الحالة الأخلاقية المزرية التي وصل إليها أعضاء جماعة الإخوان وقيادتها.. بقدر ما أضحكني تعليق نفس السيدة علي رحيل المناضل نيلسون مانديلا: فقد قالت في تدوينة لها علي موقع التواصل الاجتماعي 'تويتر': 'مات نيلسون مانديلا المناضل والزعيم، فك لله أسر المناضل محمد مرسي، مانديلا العرب والمسلمين'!!!. تعليق مضحك يجمع بين خفة الدم وخفة العقل!!.