مع زيادة عدد أبناء الجالية المصرية بفرنسا وما يواجهها من صعوبات وتحديات كان أقصي ما يراود المهاجر المصري من أفكار وهواجس تؤلمه ولا يتمني حدوثها هو فكرة أن يموت غريبا خارج وطنه ويرجع ذلك لشدة حنين المصريين إلي بلدهم وهي فكرة تضرب جذورها في القدم وتوجد أمثلة مصرية تؤكد هذا المفهوم منها ' مسير الغريب يرجع إلي داره ' ومسير الحي يتلاقي '، كما أن رجوع الجثمان إلي الأهل في مصر أمر حتمي ولا رجوع عنه لارتباطه بالعادات والتقاليد والمعتقدات الدينية والشعبية المتعلقة بالمتوفي وعشيرته في موطنه. ومع توفر الكثير من الخدمات والأنشطة لأبناء الجالية ظلت خدمة الاهتمام بالمتوفي ونقله إلي أرض الوطن تعتمد علي شركات تجارية لنقل الموتي إلي جانب البيروقراطية بالقنصلية المصرية وخدماتها المحدودة من قبل بخصوص هذا الشأن، حتي جاءت فكرة إنشاء 'جمعية الطريق إلي الله ' علي يد رموز من أفاضل وشرفاء الجالية المصرية وهي جمعية خيرية إنسانية تهتم بشئون كثيرة من أهمها الاهتمام بشئون وفاة المصريين بفرنسا والدول المجاورة. وفي ذلك يقول أحد الأعمدة الأساسية بالجمعية الأستاذ ' نوح واصل ' من محافظة الغربية بأن تلك الفكرة نابعة من التضامن والاتحاد وبعيدة عن أبواب السياسة والشهرة إنه عمل خيري خالص لابد فيه من إنكار الذات، لقد نبعت تلك الفكرة عندي منذ عام 1992 عندما حدثت حالة وفاة جنائية لأحد المصريين غير المعروفين وكانت إقامتي دراسية ومحددة في هذا الحين ورغم ذلك تحمست للمتوفي واعتبرته أحد أقربائي لتسهيل إجراءات استلامه، إلا أن زوجته التي كانت متهمة في الوفاة تقدمت ببلاغ تتهمني فيه بعدم صلتي به وعرقلت تسليم الجثة، وبعد محاولات مضنية تنازلت عن البلاغ وعدت مع الجثة إلي مصر وشاركت أهلها العزاء، وفي هذا الجو اكتشفت ضياع أوراقي الثبوتية وبذلت محاولات مستميتة حتي عدت إلي فرنسا ومن وقتها زادني الله قوة وعزيمة جعلتني أهتم بهذا الشأن، ثم يستطرد قائلا كانت القنصلية المصرية وقتها لا تهتم بحالات الوفاة النادرة ولم يكن قد صدر بعد قرار بشأن مساعدة المتوفيين المصريين خارج الوطن مما كان يعطل وصول الجثة فنقوم نحن بجمع التبرعات من أصحاب القلوب الرحيمة من المطاعم والمحلات والأسواق بل ومن المساجد، إلي جانب ما كان يعترضنا من صعاب منها قلة وجود المعلومات والأوراق اللازمة للمتوفي وغلاء أجور شركات نقل الموتي، وعذاب الأهل في مصر لطول الانتظار. و بعد عام 2000 تقريبا وبسبب شكاوي المصريين بالخارج بخصوص هذا الشأن أصدرت الدولة قرارها بتقديم المساعدة المادية لغير القادرين وأكدت علي ضرورة المساعدة القنصلية السريعة لإنهاء الإجراءات، وعندها ولدت فكرة جمعيتنا بسبب غلاء الشركات في النقل وبسبب عدم مراعاتهم الأخذ بالشرع في الغسل والتكفين وأيضا بسبب تأخير الإجراءات، فجلست مع أخوة من العقول النيرة وأهل المروءة من المصريين وأقنعتهم بأنه وبعد زيادة عدد المصريين بفرنسا وما نلاقيه من عناء بأنه قد آن الأوان لتأسيس الجمعية علي أساس خيري وغير تجاري فلاقت الفكرة القبول ودعمها بقوة القنصل المصري ' سليمان عثمان ' بداية عام 2007 ووعدنا بتسهيل كافة الإجراءات لتسهيل التعامل مع السلطات الفرنسية، بدأ تأسيس الجمعية من 50 فرد ثم انضم وتعاطف معها الكثير من أبناء الجالية واعتبروه من أهم الأعمال التي أسعدت الجميع وأبعدت عنهم فكرة الخوف من الموت بسبب اهتمام الجميع هنا بالمساعدة في هذا الشأن، ومن هؤلاء الرجال الشرفاء الحاج ' عبد الرحيم الخولي نائب رئيس اتحاد الجالية سابقا الذي أوكل إليه بجانب جهوده الكبيرة صندوق الطوارئ بالجمعية، والحاج عبد الرحمن سليم رئيس صندوق التكافل ومجهوده الكبير في جمع التبرعات، والشيخ الفاضل إبراهيم العشري المعروف في الجالية بعمله التطوعي، والأستاذ محمود ومحمد البرماوي والحاج عبد الخالق غالي، والحاج محمد ناجي، والحاج ياسر صلاح، والحاج أيمن حبيب، والحاج حمدي عبد المقصود، والحاج عزت مكي، والحاج عادل إمام، الحاج خالد عفيفي، والحاج عادل بدر، والحاج أكرم عمارة، والحاج عصام الشناوي، والحاج أيمن حسنين، والحاج أحمد بركات، والأستاذ سعد عطية، والحاج صلاح عطا، والشيخ عمرو.... وبجانب هؤلاء هناك الكثير من شرفاء الجالية ساعدوا تلك الجمعية ودعموها بكل ما يملكوه من أجل إنجاحها، وكثيرا منهم ما يحضر معه من مصر أو عند العودة من الحج والعمرة الأكفان الشرعية وتقديمها للجمعية، وفي القنصلية المصرية بباريس لا ننسي أن نتقدم بالشكر لكل العاملين بها ومنهم سيادة القنصل 'أحمد سمير ' الذي لا يدخر جهدا عن مساعدتنا وعقله السديد في تفهم مشاكلنا والعمل علي حلها وكذلك الأستاذة 'ريهام أسامة خويلف ' مساعدة القنصل لتسهيلها الإجراءات، وقد تقدمنا للسلطات الفرنسية بأربع أسماء ليسمح لها في سرايا النيابة بالغسل الشرعي للمتوفيين المصريين كما سهلت لنا القنصلية كل الإجراءات ومنها اعتمادها لشهادة المتوفي الغير قادر وذلك بقيام بعض من أعضاء الجمعية بالتوقيع عليها بدلا من توقيع الأهل في مصر والذي كان يعطل الإجراءات، ومن أنشطة الجمعية أيضا تشكيل صندوق طوارئ بها لمواجهة الظروف والحالات المفاجئة فنقوم بدور القنصلية من خلال قدراتنا الخاصة ولا نطلب من شركات النقل غير طلبات محددة وقد ساعد ذلك علي تقليل المصروفات، ونحن نوائم دائما بين المطلوب والمدفوع، لأن المبلغ المدفوع من القنصلية محدد ولذلك اختصرنا إنهاء الإجراءات التي لا تزيد الآن عن يومين ولا نهدأ إلا بوصول الجثمان في أمن وسكينة لذويه في مصر، نقوم أيضا بمساعدة وزيارة المرضي بالمستشفيات، وقدمنا من الصندوق مساعدات لمصابي الثورة في مصر ونساعد المصريين من غير حاملي الإقامة وعمل التأمين الصحي لهم، ومساعدة المرحلين منهم، ونزور المساجين في رمضان والأعياد الدينية، كما أننا نشارك إخواننا من العرب والمسلمين في كافة مناسباتهم. أما الحاج صلاح موسي من القاهرة وهو من أعمدة الجمعية جاء لفرنسا عام 1986 عمل بالمطاعم فترة ثم افتتح مكتب للترجمة ومارس الكثير من الأعمال المكتبية والآن يتفرغ لعمله في الجمعية.. يقول أقنعتني أعمال الخير وكنت أشعر بنقص أنشطة الجالية في هذا المجال وحزنت عندما علمت أن المقابر بفرنسا بالإيجار فإذ لم يتم الدفع السنوي يتم إرسال الرفاه إلي المحرقة وهذا مغاير لتعاليم الإسلام الذي لم يسبقه دين في تكريم موتاه، دفعني ذلك لأن أتبرع بالقيام بالغسل الشرعي للمتوفي ومتابعته وتأمينه والاتصال بالمصريين لتكريمه والصلاة عليه والتبرع له ثم وداعه.. يقول أيضا الحاج صلاح أنه يطلب من الجميع الثقة والعطاء وعدم التجريح لأننا نتعامل مع الله في تلك المسألة وأتمني أن يتزايد عددنا وتكاتفنا عند أي حالة وفاة وفي هذا قوة وسمعة طيبة للمصريين، نحن نقدم كل المساعدات للمصريين ولا ننسي الأرامل والأسر المتعثرة كما يقدم شكره لأهل الفضل الذين يساعدون الجمعية منهم الحاجة إيمان زكريا صاحبة مكتب حج وعمرة بباريس ويراها متطوعة دائمة في كل الأمور بكل ما تملك، كما يتقدم بشكره إلي القنصلية المصرية ذاكرا سيادة السفيرة ' ندي دراز ' المتعاونة بشكل كبير معنا و التي تعتبر وجه مشرف لكل المصريين بفرنسا وأيضا مدام' فرانسواز ' التي تهتم بمواضيع الشئون الخارجية مع السلطات الفرنسية، كما يشكر الأستاذ سعيد أبو عميرة لمجهوداته وتعاونه بالقنصلية، وكذلك الأستاذ عماد جرجس الذي يساعدنا ويمدنا بالأوراق الرسمية بالقنصلية فتسهل تعاملنا مع السلطات. ومؤخرا يرجو الحاج صلاح موسي من مقر الجمعية بشارع جامبيتا بباريس 20 من كل المصريين وبخاصة المجنسين أن يهتموا بالحصول علي الأوراق الثبوتية المصرية لأبنائهم و أن يحتفظ كل مصري مقيم بفرنسا وبخاصة من غير حاملي الإقامة بوجود معه أو مع رفاقه ما يدل علي هويته تيسيرا علي الجمعية والقنصلية عند تعرض أحدهم للوفاة وما يحدث أحيانا من مفارقات تصعب علينا الإجراءات، كما يطلب من كل المصريين الاهتمام بتدوين حقوقهم والاهتمام بالجانب الصحي والطبي وما تقدمه فرنسا من خدمات. أما الحاج محمد سليمان من القاهرة وهو من المهاجرين القدامي يري أن الجمعية تعتبر من أهم الأعمال التي تحسب للمصريين بفرنسا ولذلك فهو لا يتأخر عن تقديم العون للجمعية ويحرص علي زيارة المرضي والاتصال بمعارفه من المصريين والعرب و حرصه علي أداء الصلاة علي المتوفي طالبا من المصريين بفرنسا مد يد العون والمساعدة لتطوير واستمرارية تلك الجمعية لأنه يراها صورة حضارية رائدة ومشرفة تتعلق بتكريم موتانا بفرنسا.