وفي ذات الوقت الذي كنا نحتفل فيه في نهاية الاسبوع الماضي ب »يوم الدفاع الجوي« الذي يوافق الذكري الأربعين لأسبوع تساقط الفانتوم الشهيرة ونهاية اسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي في ذات هذا الوقت خرجت علينا، وكالة الأنباء الفرنسية بتقرير مطول عن صناعة الطائرات بدون طيار في إسرائيل، وكيف أنها بدأت بسبب حائط الصواريخ المصري، ونجاح رجال الدفاع الجوي في اسقاط العشرات من طائرات إسرائيل التي كان يتصور الجميع انها غير قابلة للسقوط! وبعيدا عن هنا التقرير الإخباري العالمي، فإنه إذا ما أردنا أن نعيد الحق لأصحابه فإن الدرس الذي استقته إسرائيل من هذه التجربة الأليمة هو أن المصريين استطاعوا أن يتغلبوا علي نقاط الضعف في وسائل الكشف الراداري الذي هو الوسيلة الأساسية للانذار ورفع حالات عناصر الدفاع الجوي المختلفة للتعامل مع العدو الجوي، وفي ذلك لجأ المصريون إلي إنشاء شبكة للمراقبة بالنظر تتكون من سلسلة مواقع هائلة منتشرة في الصحاري، والوديان، والجبال، والسواحل علي الحدود المصرية من جميع الاتجاهات، وكان رجال هذه الشبكة التي أنشأها الراحل العظيم المشير محمد علي فهمي ورجاله، تقوم بالتبليغ عن مشاهدة أي طائرة أو سماع أي صوت أو أزيز للطائرات، من هذا التبليغ تهب باقي عناصر الدفاع الجوي لملاقاة الطائرات المغيرة! ونتيجة للمفاجأة، وللنتائج المبهرة التي حققها هؤلاء الرجال كان أن خرج الجنرال موشي ديان بعد الأيام الأولي من حرب أكتوبر ليعلن أن خسائر إسرائيل الفادحة كانت بسبب ذلك »الحزام الأسود« يقصد شبكة المراقبة بالنظر التي نشرها المصريون بكفاءة حول حدودهم، واستطاعت أن تكشف عما فشلت أجهزة الرادار في الكشف عنه، وتوعد ديان بالقضاء علي هذا الحزام الأسود، ولكنه لم يستطع أبدا ان يفي بوعده! ومنذ هذا التاريخ بدأت إسرائيل في التفكير في تصنيع بديل حديث لهذا الإنجاز المصري، فكان ان لجأت إلي الطائرات بدون طيار التي أصبحت بمثابة »عيون« تحلق في الجو بشكل دائم ولساعات طويلة للانذار عن تحركات الجانب الآخر، وهي الآن تحلق بشكل دائم في سماء باكستان والعراق وغزة كما تقول وكالة أنباء الفرنسية فكان ان لزم منا التنويه عن حقيقة هذا التطور العالمي الذي يقف وراءه رجال من بيننا كانوا شديدي البأس والعزم.. وفي ذات الوقت غاية في التواضع!