في الوقت الذي أقال فيه الرئيس الأمريكي أوباما الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الدولية في أفغانستان، ومعلنا: »ان الحرب أكبر من أي رجل.. جنديا كان، أو جنرالا كبيرا، أو حتي رئيسا للدولة« في نفس هذا الوقت الذي أعاد إلي الأذهان قصة الصراع الذي دار بين الرئيس ترومان والجنرال ماك آرثر، وهو الصراع الذي وصفه البعض بأنه كان يتسم بالغيرة من شهرة وشعبية »ماك آرثر«، والذي انتهي بإقالة وعزل هذا الجنرال الشهير في نفس هذا الوقت الذي حاول فيه أوباما التقليل من أهمية ومكانة الجنرال ماكريستال، خرج علينا سكرتير عام حلف الأطلنطي »فوج راسموسن« معلنا ان قوات الحلف العاملة في أفغانستان ستلتزم بالنهج الذي أرساه الجنرال ماكريستال لأنه يمثل الخط والنهج الصحيح«. وبعيدا عما قيل في هذا الشأن هنا وهناك، فإن هذا التطور الذي تكرر في دول كثيرة، وبالذات في الولاياتالمتحدة، يكشف عن الصراع الخفي علي السلطة بين العسكريين والمدنيين، وهو الصراع الذي يصل إلي منتهاه عندما يتدخل المدنيون في الشأن العسكري البحت، ولأن النتائج في هذه الحالة تكون كارثية، وتتعلق بأرواح الرجال، فإن القائد العسكري المحترف لابد أن ينفعل مدافعا عن أرواح رجاله، وعن أفكاره وخططه التي تدعمها العلوم العسكرية.. وهي عديدة ومتشعبة لمن يعلمون! وهكذا فإنه بعد مضي مايقرب من ستين عاما علي عزل الجنرال ماك آرثر، فإن الأمريكيين يشيرون إليه بأنه »الجنرال الذي هزمته انتصاراته«، قياسا علي هذا الوصف لنا أن نتصور أنه بعد سنوات قليلة، سيخرج البعض لوصف الجنرال ستانلي ماكريستال بأنه الجنرال الذي هزمه احترافه واعتزازه بعسكريته!