جلال دويدار المسئولية السياسية في العمل العام تتطلب الكياسة والحكمة ومراعاة المصلحة الوطنية فيما يصدر من تصريحات لابد أن تلتزم بالانضباط اللازم في مثل هذه الاحوال.. طبعا فانه من السهل جدا اطلاق التصريحات التي تستهدف الفرقعة الاعلامية دون ان يوضع في الاعتبار ما يمكن ان تحدثه من تداعيات خاصة علي مستوي العلاقات بين الدول والمصالح التي تتصل بالامن القومي. ويزداد الامر حساسية خاصة اذا ما تعلق بالسيادة الوطنية وبإجراءات امنية وقضائية. التعامل السيء غير المسئول في مثل هذه القضايا يؤدي الي احداث شروخ في العلاقات ليس علي مستوي الحكومات وانما علي مستوي الشعوب ايضا. لا جدال ان ما جري من تطورات في قضية التمويل الاجنبي لأنشطة سياسية داخل مصر أدي الي اثارة مشكلة سياسية مع الولاياتالمتحدةالامريكية. المشكلة المثارة تدور حول اتهام واشنطن بدفع بعض منظماتها الي ممارسة أعمالها وانشطتها غير المشروعة علي الارض المصرية دون الحصول علي تصريح بذلك. ولقد جاء قرار تقديم هذه العناصر الامريكية للمحاكمة بناء علي اتهام قضائي يستند الي القانون والي السيادة المصرية. كان من الطبيعي ان تتحول القضية إلي أزمة رأي عام في مصر بعد ما شاب عملية السماح بسفر المتهمين الامريكيين الذين كانوا قد لجأوا الي السفارة الامريكية في أعقاب توجيه الاتهام لهم عن طريق القضاء. ان ما حدث في قضية التمويل الاجنبي وما احاط بها من غضب شعبي عارم بعد السماح بسفر المتهمين الامريكيين أجده يتكرر مرة اخري بصورة عكسية بين مصر وشقيقتها دولة الامارات العربية التي تربطهما علاقات أخوية قوية في جميع المجالات. محور هذه القضية تصريح صدر عن محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة الاخوان المسلمين في مصر والتي يتبعها حزب الحرية والعدالة صاحب الاغلبية في مجلس الشعب يتضمن تهديدا وتهجما علي ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي بدولة الامارات العربية ردا علي مطالبته باصدار مذكرة اعتقال ضد الدكتور يوسف القرضاوي الاخوانجي القديم المقيم في دولة قطر علي خلفية ما صدر عنه وتم اعتباره قولا مسيئا لدولة الامارات العربية. تصريحات غزلان اثارت ازمة كنا في غني عنها مع دولة الامارات العربية خاصة في ظل التوترات التي ألمت بالعلاقات بين البلدين في الشهور الاخيرة وأدت الي حالة من الفتور. كان من نتيجة ذلك مطالبة عبدالله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي ومن خلال مذكرة رسمية للحكومة المصرية بتوضيح الموقف الرسمي المصري من هذه التصريحات المستهجنة والتي وصفها بأنها تكشف عن فكر ونية مسيئة تجاه دولة الامارات وهو ما لا يليق بمكانة مصر الشقيقة الكبري. لم يقتصر الامر علي تقديم هذه المذكرة وانما امتدت الازمة الي مجلس التعاون الخليجي من خلال التصريح الذي أدلي به عبداللطيف الزياتي امين عام المجلس الذي وصف تصريحات غزلان بأنها غير مسئولة وتتعارض مع ما يربط الشعوب العربية والاسلامية من علاقات وروابط. . اكد ان ما يمس دولة الامارات يمس كل دول مجلس التعاون الخليجي واصفا تهديدات غزلان بأنها تفتقد الي الحكمة. علي ضوء ما حدث فان المصلحة الوطنية والقومية تتطلب العمل علي احتواء هذه الازمة التي سببها تصريح غزلان والتي استهدفت الدفاع عن موقف احد اعضاء الجماعة البارزين. من الممكن اذا لم يأت التحرك بالسرعة والاهتمام الواجبين ان تتحول الازمة الي إلي ما يشبه القطيعة وهو ما يمكن أن تنعكس اثارها سلبا علي مئات الالوف من المصريين العاملين في الامارات ودول الخليج والذين يقومون علي خدمة التنمية والتقدم في هذه الدول الشقيقة. المطلوب في التعامل مع مثل هذه الامور ان نضع نصب اعيننا المصلحة الوطنية والقومية خاصة اذا ما تعلق الامر بالقانون وبحقوق السيادة لدولة شقيقة.