إبراهيم سعده حقق الاقتصادي الشاب ميخائيل بروخوروف نجاحاً هائلاً في استثمار المناجم، وتقدر ثروته الآن نقلاً عن مجلة فورشن الأمريكية بنحو 16مليار يورو. لم ينخرط في السياسة ولذلك ربطته صداقة مع السياسيين وبالأخص الرئيس الروسي بوتين الذي وثق في ولائه واعترافه بالفضل فشجعه علي تولي إدارة حزب يميني صغير ومعارض للترويج للديمقراطية، وتعدد الأحزاب في روسيا. وكما نجح بروخوروف في الاقتصاد أراد تكراره في السياسة، ولن يتحقق ذلك ما دام سيظل معارضاً مستأنساً. وبالفعل تحوّل »داندي الملياردير« كما يسمونه إلي معارض شرس يطالب بالتغيير والإصلاح و مكافحة الفساد وتقليص البطالة ورفع مستوي معيشة الفقراء. وهو مايعني الانقلاب علي سنوات حكم بوتين السابقة، والاعتراض علي إعادة انتخابه رئيساً لفترة ثانية في مارس القادم. التأييد الذي حظي به بروخوروف 46عاماً شجعه ليس فقط علي المطالبة بالتغيير الشامل، وإنما أقنعه بالترشح للرئاسة منافساً لبوتين في انتخابات 4 مارس المقبل لأنه الأصلح لها والأقدر علي تحقيق برنامجه الإنقلابي الإصلاحي. رأيناه يشارك في أكبر مظاهرات شهدتها موسكو ضد إعادة انتخاب بوتين وحزبه الحاكم. وهي التظاهرات التي قابلها أنصار بوتين بتظاهرات مضادة عمت معظم المدن الروسية وترددت فيها شعارات تهتف بحياة بوتين وتندد بمعارضيه. والأمثلة كثيرة منها: " نعم للتغييرات.. ولا للانقلابات". و"كلنا مع بوتين من أجل روسيا القوية". و"مع بوتين يستمر الأمن والإصلاح". وبالطبع.. أفردت وسائل الإعلام شبه الحكومية مساحات واسعة ورقية وسمعية ومرئية لنقل انطباعات وتعليقات أكبر عدد من المشاركين في هذه التظاهرات. فأحدهم أناتولي ستبانوف ظهر علي الشاشة الصغيرة ليؤكد أن " بوتين بالنسبة لي يعني استقرار البلاد. إنني أعيش أفضل خلال سنوات حكمه. أتقاضي راتبي بلا انقطاع. وأصبحت الآن أفخر وأتباهي ببلادي روسيا". وتشجيعاً للجماهير علي المشاركة في المسيرات المؤيدة لبوتين رغم هبوط درجة الحرارة إلي 8 درجات تحت الصفر فقد انتشرت أكشاك تقدم الشاي الساخن والشطائر للمشاركين وبأسعار زهيدة لا تُنافس. وعلقت إحدي المشاركات آنا باتروشيفا قائلة: " كلنا هنا نمثل الشعب المؤيد لبوتين. فأين المعارضون له؟ لن تجدهم. لأنهم ليسوا من الشعب". المعارضة لم تسكت علي ما يقال عنها، فأعلنت عبر وسائل اتصالاتها الإلكترونية وصحفها وقنواتها الخاصة أنها تتهم الدولة ليس فقط بحشد التظاهرات وتعميمها في معظم المدن القريبة والنائية للدعاية الفجة لبوتين ونظامه، وإنما تتهمها أيضاً بالصرف الباهظ علي ترتيبات التظاهرات و نقل وإطعام عشرات الآلاف من المشاركين من الخزانة العامة وهو ما يجب محاسبة الحكومة الحالية علي إهدارها المال العام في الدعاية لمرشحها من جهة و توزيع مبالغ مالية من جهة أخري علي المشاركين والمشاركات الفقراء لإقناعهم بالنزول من منازلهم والانقطاع عن عملهم والوقوف ساعات في الشوارع رغم قسوة البرد القارس! .. وللحديث بقية.