يوسف القعيد يشعر المجلس القومي لحقوق الانسان بالانزعاج الشديد لما يجري في قرية شربات بالعامرية بمحافظة الاسكندرية من عمليات تهجير لبعض الاسر المسيحية بناء علي احكام عرفية تمت في قسم الشرطة وترأسها احد شيوخ السلفيين وعضوية احد النواب في البرلمان ويؤكد المجلس ان ما تم هو انتهاك جسيم لحقوق الانسان وتعد جريمة في عرف القانون الجنائي الدولي جريمة تهجير قسري. كما يعرب المجلس عن انزعاجه من الصمت من قبل المسئولين في الدولة المصرية ازاء اعتداء صارخ علي دولة سيادة القانون وكيان الدولة المصرية علي مرآي ومسمع من قيادات الشرطة وممثلي المجلس الاعلي للقوات المسلحة في الحفاظ عليها دولة قانون والذي يتحمل المسئولية بصفته مسئولا عن ادارة وامن البلاد. كما يشعر المجلس بمزيد من القلق ازاء التسوية العرفية التي تمت للواقعة والتي شارك فيها مسئولون امنيون من قسم شرطة برج العرب واعضاء من مجلس الشعب والتي انتهت الي تحرير محضر عرفي بالحكم بتهجير ثمانية اسر مسيحية من القرية وبيع ممتلكاتهم قسرا، الامر الذي يعد تهديدا لسيادة القانون وتغييب للدولة القانونية. في هذا الصدد فان المجلس القومي لحقوق الانسان يطالب المجلس الاعلي للقوات المسلحة بفرض القانون ووقف تهجير المسيحيين من قراهم وعلي وزارة الداخلية اتخاذ التدابير اللازمة لفرض الحماية والتامين للمواطنين المصريين المسيحيين في القرية المذكورة، ووقف عملية البيع القسري لممتلكات المواطنين المسيحيين، لاسيما وان هذه سابقة تؤدي الي خلق كيانات علي اساس ديني مما يهدر وحدة النسيج الوطني، ويحذر من ان هذا مقدمة للتقسيم علي اساس ديني قد يمتد الي مناطق اخري. كان هذا نص البيان الذي توصلنا اليه في اجتماع خاص للمجلس القومي لحقوق الانسان. حضره جورج اسحق - مع حفظ الاتعاب والصفات - وحافظ أبوسعده. واشرف عليه محمد فائق وكانت معنا مارجريت عازر عضو مجلس الشعب وصوت عادل احد ضحايا العامرية المطلوب تهجيرهم من العامرية الي اي مكان أخر. والحكاية بدات بترزي حريمي في قرية شربات العامرية اسمه مراد. ويعمل معه ترزي اسمه محمود. ولابد من القول ان مراد مسيحي ومحمود مسلم. وآسف لهذا التسكين الديني لأبطال - أو الذين ليسوا ابطال - الحكاية. محمود طلب سلفة خمسة ألاف جنيه من مراد لأنه يمر بضائقة مالية. ومن لا يمر بضائقة مالية في مصر الأن، رفض مراد مما كان من محمود الا ان يصور النساء المسلمات عند عمل البروفات لهن. الثانية ان لمراد صورا خاصة وخادشة للحياء مع امرأة مسلمة ومتزوجة.. وهكذا تحرك عدد من المسلمين تجاه الترزي وصوره الفاضحة. وكالعادة وكما يجري في كل مرة يتم حرق ممتلكات واقتحام بيوت. والتهاب الموقف عند هذا الحد لابد وان تتدخل الدولة المصرية من خلال الشرطة والنيابة والقضاء. ولكن بسبب غياب الدولة المصرية الأن. تم اللجوء للقضاء العرفي الذي عقد جلسته في مقر شرطة برج العرب وصدر الحكم بترحيل المسيحي والمسلمة من القرية. تصحح لي مارجريت عازر اللفظ اللغوي المستخدم. الترحيل في حالة ترحيلهم خارج الوطن المصري. لذلك سمي القرار تغريب. وكم يحمل الواقع المصري الجديد لنا من عذابات اللغة. اتسعت المواجهات ودخل علي الخط ابو سليمان وهو تاجر اثاث يبيع ويقسط ومعه اولادة الثلاثة. وهو مشهود له بالامانة في المنطقة ومعاملاتة جيدة. وعلاقتة بالامر ان نجله اطلق الرصاص من فوق منزله علي من كانوا يحاولون سرقته وحرق ممتلكاته. لابد من تغريب ابو سليمان واولادة وهنا يظهر الجانب الاقتصادي للمسألة أبو سليمان يمتلك اكثر من محل واكثر من دار وفي حالة تغريبه عن القرية. سيبيع ما يمتلكه بتراب الفلوس. وايضا فالرجل لدية كمبيالات بأموال له عند الناس. ما يستحقه أبو سليمان عند الناس وتمن ما يمتلكه يصل الي 41 مليون جنيه من يدفعها له والرجل وعائلات ابنائه مستعدون لمغادرة القرية. اسمع لغرابة الحكم العرفي وتعجب مما قد ينتظر مصر من اهوال في الزمن القادم. يمنح ابو سليمان فرصة للمجلس العرفي حتي يبيع ما يمتلكه. ويحصل له الكمبيالات ثلاثة اشهر من تاريخ التغريب. فإن نجح يعطية امواله. وان فشل يكون من حق ابو سليمان العودة الي القرية مرة أخري. اخطر من الفتنة الطائفية ومن التهجير القسري. هذا الشئ الجديد الذي يسمي القضاء العرفي. الذي يعني الغاء الدولة المصرية الراهنة. واحلال دولة اخري مكانها تلعب أدوارها. وتنصاع الناس لاحكامها وتنفذها رغم ما فيها من العيب والعوار. تخيلوا معي مستقبل مصر - هذا ان كان لها مستقبل - عندما تتحول الي مجتمع كل اهله من المسيحين. ومجتمع آخر كل أعضائه من المسلمين. وهل من حقنا بعد الوصول لهذا الحال ان نرحم مصر التي عرفناها وعشنا فيها ولنا في ربوعها الكثير من الذكريات الجميلة. أخطر من التهجير. او التغريب كما تسمية مارجريت عازر. هذا الذي يسمي القضاء العرفي الذي أصبح مؤسسة كاملة في مصر الأن. والناس تسعي اليه اكثر من لجوئها الي القضاء العادي. القضاء الشرعي اصبح مؤسسة كاملة الاركان في مصر الأن. وهو يقوض آخر بقايا الدولة المدنية في مصر الآن. فهل نقول: مصر قبل الاوان. وان قلنا هل سينصت لنا احد. وان انصت لما نقول احد محبي مصر. ماذا يمكن ان نفعل من اجل هذه البلاد.