الذين دبروا ما حدث في استاد بورسعيد، نجحوا بجدارة في استغلال التجمع المؤلف من خمسة وثلاثين ألف مواطن مصري، تقوم عدسات كاميرات الفضائيات بنقل ما يحدث فيه إلي سائر أنحاء الدنيا.. ليؤكدوا للعالم كله أن الفوضي عارمة في مصر من أقصاها إلي أقصاها.. وأن الحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة عاجزان عن الإمساك بزمام أمور البلاد، وإدارة شئونها في المرحلة الانتقالية الحالية.. ولابد من تنحيتهما من السلطة وتسليمها إلي الثوار!! إن المجزرة التي أسفرت عن استشهاد أربعة وسبعين من شباب مصر، واختلاط دمائهم الطاهرة بتراب أرض بورسعيد، كانت الإشارة التي ينتظرها الإعلاميون المأجورون، القابعون في استديوهات الفضائيات المصرية المشبوهة كي يبدأوا النفخ في الجمر، والتحريض علي اشعال النار في كل أرجاء مصر.. معلق رياضي، بدأ يصرخ علي شاشة فضائية »النهار«.. وآخر انطلق »يهاتي«، من خلال شاشة فضائية مودرن.. وباقي أفراد جوقة الانتهازيين والارزقية، الذين كانوا يقبلون الأرض التي يمشي عليها جمال مبارك، واصبحوا بقدرة قادر ثوارا وإعلاميين، راحوا جميعا وفي ذيلهم »صاحب الجلالة« محمد أبوتريكة يطالبون الجماهير التي أفزعتها وأحزنتها الكارثة، بالنزول إلي الشوارع، والمطالبة بإسقاط الحكومة والمجلس العسكري فورا.. واقتحام وزارة الداخلية لتأديب رجال الشرطة، والقاء القبض علي وزير الداخلية، الذي نجح في توجيه ضربات أمنية ناجحة لأوكار البلطجية، والقاء القبض علي لصوص السلاح الميري، والهاربين من السجون، والمسجلين خطر الذين يروعون المواطنين، ويقومون بالسطو المسلح علي البنوك وشركات الصرافة، وسيارات نقل الأموال في عز الظهر. إن ما حدث في استاد بورسعيد، وتوابعه في السويسوالإسكندرية والقاهرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، ليس سوي حلقة من حلقات المخطط الطويل العريض الذي يهدف إلي اسقاط الدولة المصرية.. واذا كان قد سبقه نسف خط انابيب الغاز بالقرب من العريش شرق مصر.. ومنشآت المدينة النووية بالقرب من منطقة الضبعة في غرب مصر.. مرورا باحراق الكنائس في الإسكندرية، واطفيح، وامبابة، واقسام الشرطة، ومديرية أمن الجيزة، ومئات من سيارات ومعدات الأمن المركزية، والمجمع العلمي، ومصلحة الضرائب في عابدين، ومحاولات اقتحام مجلس الشعب، ومجلس الوزراء، ومسرح البالون، ومبني التليفزيون في ماسبيرو. إننا نريد أن نسمع أنه قد تم القاء القبض علي الذين قاموا بكل ذلك، ومحاكمتهم، ومعاقبتهم علي ما اقترفوا من جرائم في حق هذا البلد.. وإلا فإن ما هو آت سيكون أفظع، وأشنع، وأبشع من كل ما فات.. ونتفرغ جميعا للبكاء والعويل بعد ضياع مصر!!