منذ أكثر من ثلاثين عاما ونحن في مصر نحلم بالديمقراطية ، ونحلم بالحرية، و نحلم بانتخابات نزيهة ، ونحلم بالعدالة والقضاء علي الفساد. وكنا نحلم بدستور جديد يقنن مبدأ تداول السلطة يوفر مناخا سياسيا وحكما رشيدا يساعد علي تنمية وتقدم هذا الشعب العظيم . وقاد شباب 25 يناير الثورة وضحي أبطال منهم بحياتهم في سبيل الحرية والكرامة. وتمكن الشعب المصري استرداد كرامته وحريته. ويثور الآن التساؤل: ما هي ضوابط ممارسة ما نتمتع به حاليا من حرية؟ للأسف فقد أساء بعض أفراد الشعب ممارسته للحرية، مستغلا الارتباك الذي انتاب الشرطة وانشغالها في محاولة إعادة الهيكلة وتنظيم الصفوف، وظهرت البلطجة بوجهها القبيح و بغير وعي تناسي هؤلاء وجود القانون وأهمية الالتزام به وعدم مخالفته ، بل وللأسف أيضا هناك قلة من الحركات السياسية والفئات المهنية أساءت استخدام الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في التظاهر والاحتجاج ضد سياسات الدولة، ومارست حقها بالشكل الذي أدي إلي تعطيل حركة المرور والنقل وإعاقة الإنتاج. ويجب التأكيد هنا أن من أهم المعوقات التي تعترض التنمية واحترام الحقوق والحريات هو مساحة الحرية غير المنضبطة في بعض الأحيان، والتي تسبب صخباً مرافقاً للعمل السياسي؛ حيث إن البعض يجد فيها فرصة لإشاعة الفوضي ليحاول أن يجني منها بعض المكاسب الخاصة به سواء كان فردا أو حزبا أو تكتلاً سياسياً. ونحن لا ننكر أن الممارسة المثالية والمنضبطة للحرية لا تبدو متوافرة حتي في الدول المتقدمة دستوريا نظرا لكون النزعة والمصالح الشخصية حالة طبيعية في كينونة الإنسان، إلا إن ما هو موجود من ممارسة للحرية في الدول النامية عموما يختلف نوعا ما عن باقي الدول المتقدمة؛ حيث تقدم المصالح الشخصية والحزبية علي المصلحة العليا للدولة، خاصة إذا كان الإنسان قد عاني أكثر من خمسين عاما من الظلم والخوف من بطش السلطة إذا حاول المطالبة بالعدل والمساواة. ولابد أن نسلم بأن ممارسة الحرية بدون ضوابط سيعيق الوصول الي الهدف الأسمي لكل مجتمع وهو تحقيق الرفاهية والتنمية والاستقرار، كما سيشكل خطورة علي إمكانية استكمال تحقيق أهداف ثورة 52 يناير ، إذ سيسهل ذلك لفلول النظام السابق الفاسد أن يسعي لسقوط نظام الدولة من خلال تحريض الخارجين علي القانون علي ممارسة البلطجة وإحداث الوقيعة بين الشعب ورجال السلطة من الشرطة والجيش. وعلي ذلك فإننا نأمل أن يعي كل فرد منا ان ممارسة الحرية لا يعني الخروج علي القانون والتعدي علي حقوق الآخر وحريته أو التعدي علي ممتلكات الدولة والشعب أو تعطيل العمل والإنتاج.