لا تستغرب إذا وجدت شخصا مبصرا يتجاهل أعمي في الطريق فقد تحول العمي الأخلاقي لسمة غالبة لأناس فقدوا الحس الإنساني وخلعوا القيم والمبادئ وركنوها جنب الحائط مفتقدين لأبسط قواعد الرحمة .ورغم وضوح الأشخاص المكفوفين بعصاهم البيضا التي تشير لاحتياجهم لمن يأخذ بيدهم ليعبروا الطريق أو يركبوا وسيلة مواصلات إلا أن التنصل سيد الموقف . ففي كل بلاد العالم وحتي معدومي الملة والدين هناك التزام أخلاقي لكل من يحمل العصا البيضا أو ما شابهها بل لها قدسية خاصة والكل يتسابق من أجل مساعدة حاملها حتي وإن لم يحتج لمساعدة. مثلنا زمان أيام ما كنا نهب لنساعد سيدة أو مسناً لنجلسه مكاننا في مقعد الأتوبيس .. وأيام ما كنا نهب لمساعدة مريض أوعجوز .ولما كنا نجري لنجدة أي مستصرخ . يبدو أن سماعات الموبايلات المغروسة في أذن الشباب عمال علي بطال في الشارع عزلتهم عن الإنسانية . ويبدو أن هناك أشياء خفية حجبت عنا الكثير من الأخلاق . لكن يبزغ الأمل من جمعيات خيرية عديدة حملت علي عاتقها رسالة إعادة الإبصار ومكافحة العمي لفاقدي البصر في القري والنجوع لإعادة النور لأشخاص تكمن في دواخلهم عزيمة وإصرار ونبوغ، يشهد التاريخ علي تفوقهم من عميد الأدب العربي طه حسين حتي حامل أختام الموسيقي العربية ومروض الأذن عمار الشريعي والأمثال لا تحصي. إننا بحاجة لإعادة الإبصار للقلوب قبل إعادة الإبصار للمكفوفين . إنها دعوة للتوعية بالعصا البيضا للمكفوفين ومطالبة للإسهام في إعادة الحياة والإبصار لكل كفيف.