كل عام وأنتم بخير، هذا يوم للتفاؤل رغم الآلام والجروح وخيبات الأمل. هذا يوم نستعيد فيه كل القدرة علي ان نحلم وكل القوة علي تحقيق هذه الأحلام. هذا يوم نؤكد فيه لأنفسنا وللعالم ان مصر التي في خاطرنا جميعا ستولد رغم الآلام، ورغم المؤامرات، وان الثورة التي تتم سرقتها الآن ستعود لأصحابها وستحقق أهدافها، وان دم الشهداء لن يذهب هدرا، وتضحيات المصريين جميعا لن تضيع في الهواء. فقط.. فلنتذكر اننا في مثل هذه الأيام من العام الماضي كنا نعيش الكابوس ولا نعرف كيف نتخلص منه. الآن عرفنا الطريق، نعرف اننا نواجه ما هو أقسي. النظام القديم لم يسقط. قوي الثورة تتشتت، وقوي التقدم غائبة، والأحوال الاقتصادية تسوء، والفقراء مازالوا يدفعون الثمن وينتظرون الخلاص. وقوي التخلف التي نمت وترعرعت في ظل النظام السابق تبرطع في الساحة تريد إعادة مصر إلي ظلام القرون الوسطي. من أين يأتي الأمل في ظل هذا الواقع الصعب علي الجميع؟.. يأتي من أننا كسرنا -وللأبد- حاجز الخوف، وبأننا نعرف أننا قادرون علي استكمال الثورة رغم كل العقبات. ويأتي من أن الجيل الرائع الذي فجر شرارة الثورة لن يقبل ان تنتهي ثورته دون ان تحقق أهدافها في دولة مدنية تسودها الديموقراطية والعدالة وكرامة الإنسان، ويتساوي فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات، وتتوحد فيها كل فئات الشعب نحو هدف واحد هو اقامة الدولة الحديثة التي تستعيد مكانة مصر وكرامة أبنائها. من أين يأتي الأمل وسط كل هذه التحديات؟.. يأتي من اليقين بان الملايين التي خرجت ثائرة قبل عام لن تترك احدا يخدعها ويسرق ثورتها ويجهض أحلامها. لقد قامت الثورة لتسقط النظام السابق بكل فساده واستبداده.. وستسقطه. قامت الثورة لتنهي معاناة شعب عاش نصفه تحت خط الفقر، ولن تتوقف حتي يتحقق العدل وتتوافر للمواطن أبسط مقومات الحياة. قامت الثورة لتبني الدولة القوية الحديثة، وأعلنت من البداية انها لن تكون إلا الدولة المدنية التي تؤكد المساواة الكاملة بين كل مواطنيها، ولن تسمح الثورة بأن تكون النهاية مع هذا »التنطع« الذي يزرع الفتنة ويقسم أبناء الوطن الذي عاش بوحدة مسلميه وأقباطه علي مر السنين.. ولن تسمح الثورة بأن يفرض عليها »المتنطعون« جدول أعمالهم فتصبح معاركنا الأساسية هي مواصفات المايوه الشرعي ومنع الحلاقين من ارتكاب »جريمة« حلق اللحي! من أين يأتي الأمل؟.. من شباب قام بالثورة ولن يبيعها. ومن غباء من يتصورون أن مصر يمكن ان تعود للقرون الوسطي. ومن إيمان عميق بأن مصر الثورة لن تستسلم أمام خفافيش الظلام!