أدعوا معي لوزير الصحة الدكتور فؤاد النواوي. أدعوا له بالصحة والعافية بعد أن داهمته أزمة صحية حادة وانفجر داخل صدره أو قلبه الشريان الأورطي في حالة نادرة كما علمت من أحد المحيطين به ودخل حجرة العمليات ليجري جراحة استغرقت سبع ساعات كاملة وحتي كتابة هذه السطور حالته غير مستقرة. وأنا شخصيا قلبي وجعني علي الدكتور فؤاد النواوي وأدعو الله العلي القدير أن يعيده لأسرته وللمصريين بالسلامة لأنني أجزم عن يقين انه أفضل من تولي هذا المنصب خلال العقود الأخيرة وانه الاختيار الصح في الزمن الخطأ.. لماذا؟ لأنه ليس فقط طبيبا ماهرا ومن أشهر أطباء الجهاز الهضمي والكبد في مصر والعالم لكنه إنسان اجتمعت فيه من سمات الإنسانية والشعور بالبشر ما لم ألمسه في طبيب علي كثرة ما عرفت من أطباء لماذا مرة ثانية، الإجابة لأنه فنان.. نعم وقارئ مثقف لأمهات الكتب ويعشق الشعر ويحفظه ثم هو عاشق للمسرح والموسيقي والفنون التشكيلية وعيادته لمن زارها قطعة من الفن التشكيلي ومكتبته في نفس العيادة تجد علي أرفعها كتبا نادرة في جميع فنون الآداب العربية والعالمية ثم انه عاشق للأوبرا والموسيقي السيمفوني ودائما تجده في يوم اجازته الخميس أو الجمعة يهرب بعيدا ليشاهد ويستمتع بأحد أعمال الأوبرا أو مسرحيات مركز الابداع ولطالما حدثني بحماس عن أعمال للهواة لم يسعفني الوقت لمتابعتها فيعاتبني برقته المعهودة وهدوئه الجميل كيف وأنت مبدع وأديب لم تشاهد مسرحية خالد جلال في مركز الابداع أو يقول لي ما رأيك الخميس القادم نذهب للاستماع لكورال الأوبرا أو سليم سحاب أو فرقة عالمية ستزور مصر وتجده حافظا لمواعيد عروضها وذهب ليحجز بنفسه التذاكر. أقول هذا لأنه أحد ملامح شخصية طبيب يمارس الطب كما كان الأولون من رواد الطب المصري وهؤلاء كان يطلق علي الواحد منهم لفظ »حكيم« من الحكمة. وهو نفس مفهوم الطب القديم عند الفراعنة والاغريق. الطبيب الحكيم هو من يعالج أسباب الألم في الجسد والروح وعلاجه هنا يستلزم دراية كاملة منه بالنفس البشرية وأسرارها وحالاتها وقد كنت دائم النقاش مع الدكتور فؤاد حول أسباب تدهور مدرسة الطب المصري، هذه المدرسة التي علمت الدنيا منذ فجر التاريخ فكان يقول لي لأن طلاب الطب في الجامعات يدرسون مناهج ناقصة ويصلون لكليات الطب بالحصالة وفيما بعد فهمت معني الحصالة.. انه الصم والحفظ لا الفهم ثم أنهم بعيدون عن الثقافة والفنون. نعم الطبيب الذي لا يتذوق الفنون الرفيعة لا يصلح طبيبا ويتحول -وهذا رأيي- لجزار أو سمسار أجساد أو تاجر في أمراض المرضي. رأيي كان قاسيا وعندما كان يسمعني ويبتسم ويرد بنفس أريحيه كنت أقول له ليتك تكون وزيرا للصحة. وقد حدث قبل أن يكلفه الدكتور الجنزوري بيوم واحد فقط كنت في عيادته أشكو من آلام المعدة كالعادة وكانت العيادة يغلب عليها العرب وسألته لماذا فقال هم يثقون في اسمي ما أعرفش علي ايه. وضحكنا. وشكوت له من مشاكل العمل في الصحافة والكتابة فأخذ يسدي لي بعض النصائح. أذكر منها انه قال: كن هادئا دوما لا تنفعل. اذا سحبوك لموقف تتوتر فيه أشرد عنهم وتذكر شيئا جميلا أو مكانا هادئا تحبه قلت ايه ده يادكتور ناقص تقولي العب يوجا واسمع موسيقي. فقال ايه رأيك نسمع موسيقي قلت يادكتور الناس بره قال أنا محتاج أسمع موسيقي اقرأ لي بعض الأشعار. ومضينا وقتا مر بسرعة ثم في اليوم التالي شاهدته يحلف اليمين فحدثته بعد منتصف الليل يادكتور أرجو أن تتذكر ما نصحتني به وتطبقه علي نفسك فقال أنا مستقبلني بمظاهرة واعتصام علي باب الوزارة قلت أنت لها وربنا يقويك وفي اليوم التالي سألت صديقي الصحفي الدءوب السيد عبدالعال الملقب بالدكتور سيد من كثرة ما كتب عن الصحة عن أول تصرف للوزير فؤاد النواوي مع المتظاهرين فقال لي انه ساحر لقد حل المشكلة وانفض الاعتصام ثم دخل مكتبه وخلال ساعات اتخذ قرارات ثورية بتحطيم اللوبي المسيطر علي الوزارة وعزل مجموعة الأقارب التي كانت ضمن اللوبي وكان يتابع بنفسه ملف مصابي الثورة ويحدثهم فردا فردا وعكس كل وزراء الصحة لم يهتم بالبروباجندا وركز علي مشروع التأمين الصحي واتخذ قرارا غير مسبوق لأحد قبله وهو حصر كل أطفال الشوارع في مصر وادراجهم تحت مظلة التأمين الصحي. ايه العظمة دي تمنيت أن أطلبه لأحييه ثم انشغلت وعندما قررت أن أطلبه قال لي صديقي سيد انه نقل للمستشفي لأنه كان في اجتماع مع لجنة الصحة النفسية بالوزارة وجلس يستمع لأشياء لم يصدقها عقله ولم يحتملها قلبه وقبل الاجتماع تعرض لضغوط من أفراد اللوبي ليعيد من تم تجنيبه وتراكمت علي نفسه الضغوط في مناخ عام سيئ تسوده البلطجة والصوت العالي وغبار المطالبات الفئوية ولم يحتمل الرجل الفارس ما سمع ورأي فانفجر شريان قلبه. يادكتور فؤاد المصريون البسطاء الغلابة المرضي هؤلاء يحتاجون لك . أيها الطبيب الحكيم.