انتظام الدراسة بمدارس الفترتين في جنوب سيناء    وزير التعليم العالي يشهد حفل ختام المؤتمر الأول للاتحاد الرياضي المصري للجامعات    مجمع البحوث الإسلامية يواجه الإلحاد ضمن 7 محاور لدعم مبادرة بناء الإنسان    وزير قطاع الأعمال يلتقي محافظ القليوبية في زيارته للنصر للكيماويات الدوائية    لتحسين جودة مياه الشرب.. تحديث منظومة الكلور بمحطة أبو الريش في أسوان    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    التنمية المحلية: توفير مستلزمات المدارس بتخفيضات 25%    مع قرب انتهاء فصل الصيف.. فنادق الغردقة ومرسى علم تستقبل آلاف السياح على متن 100 رحلة طيران    بالصور- محافظ المنيا يتفقد المنطقة الصناعية ويؤكد: مكتبي مفتوح لكل مستثمر جاد    إجلاء 1200 شخص في منطقة كراسنودار جنوب روسيا    ضربة قاصمة للاحتلال، القسام تستولى على آلية عسكرية مفخخة ومسيرات إسرائيلية برفح    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة من المساعدات الطبية والأدوية إلى لبنان جوًا    تشيلسي يضرب شباك وست هام بثلاثية في الدوري الإنجليزي    فليك: آمل ألا يتكرر الخطأ الذي حدث في مباراة موناكو.. ويجب علينا مواصلة العمل    خسائر بالملايين.. نفوق 7 رؤوس ماشية في حريق التهم محتويات مزرعة بالغربية    رادارات المرور ترصد 1471 مخالفة التحدث في الهاتف المحمول أثناء القيادة    خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية في الفيوم    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    افتتاح المعرض التشكيلي للملتقى الدولى الثامن لذوى القدرات الخاصة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    هاني فرحات عن أنغام بحفل البحرين: كانت في قمة العطاء الفني    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    مدبولي يشارك في جنازة والدة وزير الداخلية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    منتدى شباب العالم يشارك في «قمة المستقبل» بنيويورك بعد حصوله على اعتماد خاص لتعزيز دول الشباب في القضايا الدولية    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبور من عنق الزجاجة
نشر في الأخبار يوم 26 - 12 - 2011


الشهور الستة القادمة هي أصعب الشهور في تاريخ مصر.
مصر الآن في عنق الزجاجة وتحتاج إلي رؤية ثاقبة للمرور الآمن
الإخلاص وحده لا يكفي في هذه الظروف العصيبة.
النقاء وحده لا يكفي لامتلاك الرؤية السليمة.
لابد من امتزاج العقل بالعاطفة، والخيال بالواقع كي تمتلك القرار الصحيح.
لقد أثمرت الثورة المصرية العظيمة حتي الآن ثمرة حان قطافها، وعلينا أن نشترك جميعا كمصريين في امتلاكها وقطفها عندما تصبح يانعة قريبة المنال.
إن الذين يجادلون في نتائج الثورة، ويشككون في ثمراتها، ويزرعون اليأس في قلوب المصريين لم يفلحوا ولن يفلحوا.
لقد كانت ثورة شعب بأكمله ولم تكن مجرد ثورة شباب أطلق شرارة البداية.
لقد كانت ثورة ملايين شاركوا لأيام عديدة متواصلة، واستمروا لشهور متواصلة، ولم تكن مجرد صيحات علي "الفيس بوك" ولا "التويتر" ولا حوارات في الاعلام والفضائيات.
هذه الملايين هي التي صممت علي الخروج رغم كل التخويف والارهاب الإعلامي الذي مارسته النخبة أيام الاستفتاء ثم أربع جولات من التصويت، ولا تزال علي إرادتها الصلبة في الاستمرار إلي نهاية شوط الانتخابات في المرحلة الثالثة بجولتيها ليصل عدد المصريين المشاركين في أول ممارسة ديمقراطية حقيقية إلي قرابة الثلاثين مليوناً من المصريين والمصريات، في القري والنجوع كما في المدن والعواصم، علي مساحة القطر المصري كله بكل تنوعهم واختلافاتهم في الثقافة والتوجه والتعليم والعمل. هذا الشعب بملايينه هو صمام الأمان للخروج من عنق الزجاجة إلي بر الأمان.
هذه الارادة الشعبية الصلبة هي التي تحطمت وتتحطم عليها كل المؤامرات القذرة التي أسالت دماء الأطهار والشهداء خلال الشهور الأخيرة في أحداث السفارة وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الشعب.
هذه الإرادة التي واجهت محاولات زرع الفتن بين صفوف المصريين لتمزيق الصف الوطني علي خلفية دينية أو اختلاف فقهي أو رؤية سياسية بين مسلمين ومسيحيين أو اخوان وسلفيين أو إسلاميين وعلمانيين وليبراليين. لقد توجهت تلك الارادة الشعبية إلي اختيار برلمان مصري بحرية كاملة لأول مرة في تاريخ البلاد بهذه الكثافة التصويتية ودون أية اتهامات بتزوير الانتخابات كما كان يتردد منذ حوالي مائة عام.
هذا البرلمان المنتخب والذي سيكتمل عقده وينعقد في أول اجتماع له في 23 يناير 2012 هو بداية الخروج من عنق الزجاجة.
ثم يختار البرلمان عقب الانتهاء من انتخابات مجلس الشوري الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يحقق لنا عبوراً آخر إلي نظام دستوري جديد. والدستور الجديد ليس وليد الأغلبية البرلمانية، بل هو وليد التوافق الوطني العام دون نظر إلي أغلبية وأقلية.
الدستور الجديد يعبّر عن إرادة شعبية ظهرت في الاستفتاء والانتخابات البرلمانية.
لا يوجد خلاف حقيقي حول هوية الدولة المصرية ولا انتماء شعبها إلي الأمة العربية ولا مرجعيتها التشريعية والحضارية في المبادئ العامة للشريعة الاسلامية.
ولا يوجد جدل حول المقومات الأساسية للمجتمع المصري ودور الدين والأسرة والأخلاق والوطنية كمكونات أساسية للإنسان المصري.
ولا يوجد خلاف ما حول حماية الحريات العامة والحريات الشخصية لكل مصري ومصرية، وأن الأخلاق لا يتم فرضها بقانون، وإن الحرية الشخصية لأي مصري تقف عند حدود حرية الآخرين، وأن كل حق شخصي يقابله واجب عام، فلا حقوق مطلقة، ولا حقوق دون واجبات.
المهمة الرئيسية فيما يتعلق بالدستور هي في مكونات "الباب الخامس" الذي يتعلق بنظام الدولة وصلاحيات الرئيس المنتخب وحكومة تحت رقابة البرلمان.
المهمة الأخري هي كيف يمكن الانتقال بمصر من نظام حكم شديد المركزية كان يقلص السلطات والصلاحيات كلها في يد شخص واحد، وكان يجعل القرار دوما في العاصمة القاهرة، إلي نظام حكم لا مركزي يمهد الطريق إلي حكم محلي يجعل كل مصري ومصرية يمتلك جزءاً من القرار وهو في أقصي البلاد لأنه دفع من حياته وحريته ثمناً لحرية مصر وحياتها الكريمة ؟
القرار الأصعب القادم هو كيف نجعل جهاز الشرطة يعمل بكفاءة وحيادية في ظل نظام ديمقراطي سليم يتيح تداول السلطة بين الأحزاب السياسية ؟
وقد يكون أصعب منه الدور المرتقب للجيش المصري، حامي الديار، في ظل ديمقراطية مكتملة الأركان، ونحن والعرب جميعا في حاجة الي جيش وطني قوي قادر علي الردع والحماية، مجهز بأحدث الأسلحة والتقنيات،مدّرب علي الدوام ليكون علي أتم استعداد لمواجهة المفاجآت، ولكنه في نفس الوقت لا يشكل دولة داخل الدولة، ولا مؤسسة فوق المؤسسات، له خصوصيته ويخضع للرقابة الشعبية في البرلمان، له تشريعاته التي تحقق له التماسك والقدرة علي ضبط أفراده ووحدة صفه، ومع ذلك يتم التشاور مع ممثلي الشعب في تلك التشريعات.
ثم يأتي بعد ذلك تمام العبور إلي نظام مكتمل الأركان وهو انتخاب رئيس جمهورية مدني بإرادة شعبية حقيقية وفي ظل تنافس شريف لأول مرة في ظل الجمهورية الجديدة التي نعيد صياغتها الآن ووضع أسسها بواسطة الشعب نفسه لأول مرة في تاريخ مصر.
وبما أن الرئيس منتخب من الشعب مباشرة فلابد أن يتمتع بصلاحيات حقيقية وهذا يؤدي إلي أن الفترة القادمة سيكون نظام الحكم مختلطاً أي رئاسي برلماني مع توزيع الصلاحيات بين أطراف الحكم الثلاثة: الرئاسة والحكومة والبرلمان.
هل يتم العبور الآمن وفق هذه الخريطة التي ارتضاها الشعب وتوافقت عليها القوي السياسية ؟
لا شك أن هذا هو بداية الطريق، ولكن يبقي الأهم والأصعب في حياتنا كمصريين وهو أن نحقق أهداف الثورة في العيش الكريم، والأمن والأمان، والحرية الحقيقية، والعدالة الاجتماعية.
وهذا لن يتحقق إلا بتعاون الأطراف كلها، وفي مقدمتها الشعب نفسه لبناء مصر، وإعادة رسم سياستها الداخلية والخارجية وإعادة توزيع مواردها من أجل تنمية شاملة عمرانية وزراعية وانتاجية.
لنأكل من غرس أيدينا، ونلبس من صنع مصانع نسيجنا، ونتداوي من صنع مصانعنا، ونسد حاجتنا الأساسية في كل شئ من قدراتنا الذاتية حتي لا نلجأ إلي الاستدانة والقروض والمنح والهبات من جديد فنرهن قراراتنا لصالح غيرنا من القوي التي لا تريد لنا الاستقلال والحرية.
ستمر علينا بعد تلك الشهور الستة سنوات شاقة، تحتاج إلي تضافر كل العقول، وتساند كل السواعد، وتعاون كل الجهات من أجل بناء نهضة حقيقية في مصر الواعدة القادرة دوماً علي تجاوز الصعاب.
علي الجميع أن يتحمل مسئوليته، فقد قال الشعب كلمته وسيتمهما في الانتخابات، وعلينا أن نحترم اختياره الحر النزيه، وسيقول الشعب ممثلاً في الجمعية التأسيسية رأيه في نظام الحكم والدستور الجديد، وعلينا أن ننجزه في أقرب فرصة، وعلي الأقل فلنتوافق علي شكل نظام الحكم حتي نختار رئيسا يعلم مدي صلاحياته ولا نختار فرعونا جديدا يستبد بالرأي، وسيختار الشعب رئيساً جديداً يعلم أنه أجير عند الشعب ووكيل يرعي مصالح الأمة، وجزء من نظام جديد لا ينفرد عن البرلمان ولا الحكومة بقرار.
وعلي القوي الثورية النقية، وعلي الأحزاب السياسية جميعا خاصة تلك التي تم تمثيلها في مجلسي الشعب والشوري، وعلي المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية وعلي المؤسسة الاسلامية ممثلة في الأزهر الشريف وعلي الكنيسة المصرية ومعهم الشعب جميعا التحلي بأقصي درجات ضبط النفس وتحمل المسئولية لكي ننجز العبور الآمن من عنق الزجاجة إلي بر الأمان ونعمل معا جميعا لبناء نهضة مصر التي ستكون عنوانا لفجر جديد للأمة العربية والاسلامية إن شاء الله وبعونه تعالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.