تابعت باهتمام الحوارات التليفزيونية خلال الايام القليلة الماضية التي شارك فيها »سلفيون ورجال الدين المسيحي«.. فوجئت بأن الاسئلة واحدة وتصدي للاجابة عليها نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك الدكتور الانبا يوحنا قلته، في الوقت الذي اعلن فيه قداسة البابا شنودة الثالث، بابا وبطريرك الأقباط الارثوذكس في أول لقاء له مع الشعب بعد عودته بسلامة الله من رحلته العلاجية في أمريكا، انه لن يجيب علي الاسئلة السياسية. ومن خلال متابعاتي وجدت الاسئلة والمداخلات تتركز حول العلاقات بين المسلمين والمسيحيين ومستقبلها، وهل من الممكن ان تصبح بمصر امارة اسلامية؟ وهل تقوم المدارس المسيحية بالتبشير؟ ولماذا الاستقواء بأمريكا وأوروبا؟ وما الفرق بين الاخوان والسلفيين؟ وهل هناك تخوف من الأقباط في حالة فوز الاسلاميين بالاغلبية في البرلمان القادم وهل تصريحاتهم مطمئنة؟ يقول الدكتور الأنبا يوحنا قلته انني اشعر بتطور فكر الاخوان علي نموذج »الغنوشي« في تونس، لقد كان قبل الانتخابات شيئا، وبعد الانتخابات أصبح شيئا آخر.. ان المسئولية السياسية تتطلب من الانسان تحمل مسئولية وطن بأكمله، والإخوان المسلمين لديهم الخبرة الكافية والقدرة علي التغيرات الجوهرية، والمرونة.. وللحديث عن الدولة الإسلامية اري انه لا يوجد في أي مكان دولة اسلامية أو مسيحية، بل هناك دول اسلامية يعيش بها بوذيون ويهود ومسيحيون، وفي روما يتواجد علي بعد أقل من نصف كيلومتر اكبر مسجد في أوروبا.. ان العالم في القرن الحادي والعشرين اصبح اسرة واحدة، فكيف نفرق بين ابناء الوطن الواحد بقوانين جائرة.. ان الأديان جاءت لخدمة الانسان، وليس الانسان في خدمة الدين، وان الله سبحانه وتعالي هو الذي دعا الانبياء وعلمهم وارسلهم، وليس الانبياء هم الذين فرضوا انفسهم علي الله، لذلك جاءت الاديان لخدمة الانسان. وحول رؤيته لتطبيق قانون يستمد خلفيته من الشرائع السماوية.. قال الانبا يوحنا قلته.. اذا لم يتعارض مع عقيدتي وايماني المسيحي أهلا به، وهو فوق رأسي، واذا مس عقيدتي وايماني سألجأ الي القضاء حيث اخوتي المسلمون المعتدلون.. أما ما يردده البعض بأن الاقباط يستقوون بأمريكا وأوروبا، فهذا كلام قديم ولا مجال للتفكير فيه مطلقا، نحن لن نلجأ إلا الي الله وابناء هذا الوطن الذي عشنا فيه مع اخوتنا المسلمين 0041 سنة، اما الاستقواء بالخارج فهو غير منطقي ونتساءل ماذا قدمت أمريكا للعراقيين المسيحيين وكنائسهم.. ان الشريعة ليست قالبا واحدا وأمامنا نموذج الشيخ الغزالي رحمه الله، فقد كان فقيه العصر الحديث وله ورؤيته للتجارة والصناعة.. والغريب ان البعض يري ان كلمات علماني وليبرالي وديمقراطي سيئة السمعة وربطها بالكفر، ان من يرددون هذا لا يفهمون معناها الصحيح.. ان العلمانية آتية من علم تغليب العقل الي النقل، وليس تغليب العقل مع اننا نفتخر بديكارت الفرنسي الذي قال.. انا أفكر اذن أنا موجود، رغم ان الأديب العربي الجاحظ قالها قبله بألف سنة.. إننا ندمر ثقافاتنا الاسلامية العربية ويسعي البعض الي الاتجاه الي المواقف الشاذة الظلامية والدعوة الي عصر الرق والجواري والحديث عن الجزية.. وهذه الجزية لم يخترعها الفاتحون المسلمون لانها كانت منذ ايام الرومان، وقام عمرو بن العاصي بتقليدها، بل خففها علي الفلاحين، وبعد ذلك قام اهل هذه الارض علي الوالي الظالم مطالبين بالعدالة والحرية.. أين الدين هنا؟ ان تسييس الدين أدي الي استخدامه لخدمة الحاكم.. وحول التصويت علي أساس ديني قال الانبا يوحنا واقتصادي ايضا، وانه اعطي صوته الي أحد المرشحين المسلمين، وعلي استعداد اعلان اسمه.. ولكن للاسف المناخ في مصر متوتر بسبب التصريحات العنترية، ولا توجد دولة تعيش بمفردها بمعزل عن العالم.. ان التعاون يجب ان يكون مع جميع دول العالم التي تعيش عصر التعاون والانفتاح، بما في ذلك امريكا وأوروبا.. ان المواطنين الذين نزلوا الي الانتخابات بدعوات الكنيسة والمسجد، فعلوا ذلك نتيجة الكبت الذي عاشه الجميع أيام حسني مبارك وجمال عبدالناصر والسادات،.. ان ما يحدث الآن رد فعل مؤقت سيسقط فيما بعد حينما يتحقق الاستقرار ويجد المواطن لقمة العيش والأمن.. وعن دور المدارس الكاثوليكية قال ان 08٪ من تلاميذ هذه المدارس مسلمون وايضا المدرسون والاداريون.. والحديث عن التبشير يخرج تماما عن فكرنا، واذا كان هناك حديث عن الدين فهو عن الايمان بالله الذي نعبده جميعا لأن الانسان خليفة الله، ولم يقل احد أنه الانسان المسلم فقط أو المسيحي فقط.. ان الحوار المفيد المتزن، غير المتشنج أو المتعصب مفيد، بدلا من الدعوة لافكار تتنافي مع صحيح الأديان.. كما يتطلب الأمر الحاجة الشديدة إلي التوافق بين الجميع. جملة قصيرة: بعنا »الكنبة«.. قالتها الأغلبية الصامتة.