تبدو لي مصر الآن مثل سجين خارج من محبسه، سجين زندة الشهير في الادب العربي وحسن الهلالي في فيلم أنور وجدي، كلاهما يجسدان حالة تيار الإسلام السياسي في مصر، حكايات كثيرة سمعتها شفوياً ووصلتني عبر الايميل منها حكاية ذهاب المصريين في الخارج للتصويت ومنها حكايات المصريين في السعودية والتي وصلتني من المهندس محمد أحمد حماد. وحكي مثلها مصري آخر في برنامج "للسي بي سي" علي الهواء وتكاد تكون الحكايتان متطابقتين وهي تقول أن هناك من كان يقوم بتوجيه المصريين أمام مقار السفارة والقنصليات لانتخاب حزبي العدالة والنور (الاخوان والسلفيين) وكانت هناك بطاقات جاهزة في خطابات ومسددة بفتح الدال وفقط يتم كتابة اسم الناخب وعنوانه ورقمه القومي عليها، ورغم انه اُعلن انه غير مسموح بطباعة أكثر من استمارة لكن كان يتم الطباعة عشرات بل مئات المرات وهناك وقائع بل فضائح مثبتة بالادلة خارج وداخل مصر مثل دائرة الساحل وبطلانها، ناهيك عن الاستخدام السافر لما حذرنا عنه من قبل وهوالترهيب بالدين وهوما فعله خطباء حزب النور من أول يوم لآخر لحظة حتي ليلة الإعادة، والخطب مسجلة وفيها بوضوح علي ألسنة دعاة وأئمة السلفيين من يختار حزب النور هومن حزب الله ومن يختار خارجه هومن حزب الشيطان حتي في دمياط قيل ذلك بوضوح في الصراع بين حزب النور وحزب العدالة ثم بين العدالة والوسط أي أن هناك صراعا حول من يتكلم باسم الدين والإسلام بين التيارات الاسلامية نفسها، ثم تطور الأمر ووصل لدرجة الكارثة التي نخشاها والتي تهدد مستقبل مصر كلها وهي الفرز الطائفي بين الكنيسة والإسلام في الانتخابات وما حدث من مرشح العدل في مصر الجديدة الدكتور مصطفي النجار واتهامه انه عدو الإسلام وممول من أمريكا ونسج كثير من الروايات الخيالية التي لا تمت بصلة للحقيقة لمجرد تشويه صورته لصالح المرشح السلفي، ثم استخدام اسم ساويرس لضرب الكتلة وتحويل الصندوق من أداة ديمقراطية ووسيلة لدولة يحلم بها كل المصريين إلي سلاح يضرب النسيج الوطني ويجهض حلم الاستقرار والتقدم عبر بوابة جهنم اللي اسمها (الطائفية)، الذين لعبوا بالنار في الانتخابات هم قوي الإسلام السياسي وكانوا أكثر انتهازية من جميع التيارات والأحزاب ولم يعوا خطورة ضرب اللحمة الوطنية .. أي أرادوا النجاح علي حساب جثة مصر وتفتيتها وهوأبشع وأقذر ما في اللعبة الديمقراطية، إذن ما الحل ؟ الحل ليس كما قال حمزاوي لساويرس أنا معتمد علي نفسي بعيداً عن جموع الليبراليين أو الكتلة في محاولة ذكية لنفي التعاون أو التنسيق مع الكتلة أوغيرها من التيار الليبرالي، فهذه نظرة ضيقة أيضاً بل العكس الحل أن يتم التعاون والتنسيق بين كل القوي المدنية في مصر الآن للحفاظ علي وجه مصر الحضاري وحلم المصريين في مجتمع مدني فيه قابلية التعدد وقبول الآخر والتعاطي مع كل التيارات والفصائل وعدم تسلط أوطغيان فصيل علي المشهد السياسي، لذلك أعجبني جداً كلام الدكتور عمرو الشوبكي في مؤتمره بإمبابة انه يمثل الاسلام الوسطي والطبقة الوسطي التي خرج منها وتعلم حتي حصل علي الدكتوراه من باريس وكان نموذجاً للشاب المصري العصامي الذي تعلم في الغرب وعاش فيه فلم يفقد هويته العربية الاسلامية أومصريته النابعة من التراث الفرعوني القبطي الزاخر بتنوع ثقافي مدهش، الشوبكي نموذج للسياسي الذي نحلم به، ولأن رؤيته نابعة من أرضية توافقية تقبل كل أطياف العمل السياسي وتصب في مصلحة هذا الوطن والاغلبية المقهورة من فئاته الدنيا والمتوسطة. عمرو الشوبكي كان جريئاً في كل مراحل حياته ولم يتلون أويتنازل وأشهد الله ان كل ندوات كلية العلوم السياسية والإعلام كان هوالمناضل وفارس الكلمة والفعل والمبدأ لذلك سيكون إضافة حقيقية للعمل السياسي والبرلماني وعينا حارسة علي مستقبل هذا الوطن ووجهه المشرق أمام العالم.