** تراجعت أحداث العالم في تغطية الصحافة العالمية أمس، لتنفرد الأحداث الجارية بمصر بمساحات كبيرة في صفحاتها الأولي والداخلية، وافتتاحياتها ومقالات كتابها، وتحليلاتها، حتي بدا أن الكون بأسره بالنسبة لها قد تم اختزاله في ميدان التحرير. واتفقت معظم الصحف علي أن خطاب المشير حسين طنطاوي وتطمينات وتعهدات جنرالات المجلس العسكري فشلت في تهدئة الميدان الثائر. علي صدر صفحتها الأولي، نشرت »صحيفة جارديان« البريطانية صورة كبيرة لآلاف المتظاهرين الغاضبين الذين ملأوا ميدان التحرير، وهتفوا مطالبين برحيل المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، رغم محاولته طمأنتهم وتعهده بنقل السلطة للمدنيين. وتحت عنوان"السلطة للشعب .. الجماهير تعود إلي التحرير"، نشرت" جارديان" تحقيقها الرئيسي عن الأوضاع المضطربة في مصر، وقالت إنها"تنزلق في أتون اضطرابات جديدة"، و" ترفض الجماهير فيها وعود العسكر". ويقول تحقيق "جارديان" الذي أعده مراسل الصحيفة جاك شنكر، من قلب ميدان التحرير:"يحتاج المرء أن يسير 30 خطوة فقط لكي ينتقل من المدينة الآمنة إلي عالم الواقع المرير في التحرير. ففي غضون ثوان قليلة فقط، بإمكانك أن تنتقل بين عالمين متناقضين: الأول مخضَّب بالدماء، ومعفَّر بالطين، ويملأ الغاز المسيل للدموع ربوعه، بينما تملأ العالم الآخر الرقصات الجماعية وأكشاك الذرة." وينقلنا التقرير بعدها ما بين العالمين ليرسم لنا صورة عما عاشته وتعيشه مصر من توتُّر وغضب ويأس بسبب ما آلت إليه أمور ثورتها التي أطاحت برئيسها السابق مبارك، لكنها لا تزال تكابد للخلاص من نظام أرساه بقوة خلال العقود الثلاثة التي أمضاها في الحكم. أما صحيفة" فايننشال تايمز" فقد تصدت للشأن المصري فأفردت أيضا مساحة علي صفحتها الأول لتحقيق بعنوان" تعهد جنرالات مصر يفشل بتهدئة الاحتجاجات الجديدة في ميدان التحرير". وقالت:" الجنرالات الحاكمة في مصر وعدت الليلة الماضية بتسريع عملية تسليم السلطة للمدنيين، لكن التفاتتهم تلك قد فشلت بتهدئة مئات الآلاف من المتظاهرين الذين ملأوا ميدان التحرير، وكأن المكان تحول فجأة إلي مسرح يشهد إعادة عرض مسرحية مظاهرات الإطاحة بمبارك من جديد". صحيقة بريطانية أخري هي »إندبندنت« تناولت الأحداث في مصر أمس بإسهاب وتفصيل، فنشرت رسما كاريكاتيريا ساخرا لهرم" أبو الهول" وقد قُطع رأسه للتو، واستُبدل برأس جنرال. وفي مقال تحليلي للكاتب البريطاني الأشهر روبرت فيسك ومراسل »إندبندنت« في الشرق الأوسط بعنوان"الأزمة المصرية تمنح سورية وقتا للحديث عن الديمقراطية" يقول:"بينما كان القادة الغربيون، ومعهم قطر، يطاردون الرئيس السوري بشار الأسد بسبب قمعه لمظاهرات المعارضة، تأتي الأزمة الأخيرة في المدن المصرية حيث يقمع الأمن مظاهرات المعارضة التي تريد من الجيش أن يمتثل لمطالبها بانتخاب برلمان ديمقراطي حقيقي، والتوقف عن لعب دور الوصي علي الدستور الجديد«. ويضيف فيسك: »بالطبع سورية ليست مصر. وهذا علي ما أعتقد سبب ذلك السكوت، والذي يشبه صمت الفئران، لدي كل من أوباما وكلينتون وكاميرون وساركوزي وأمير قطر حيال الأحداث في القاهرة". أما الصحف الأمريكية فقد سارت في تغطيتها الموسعة لما يجري في مصر علي نفس النهج، وقالت صحيفة" نيويورك تايمز" إن ما يحدث في مصر الآن هو ميلاد لمصر الجديدة، التي كان يفترض أن تولد بمجرد تنحي مبارك. وقالت صحيفة »واشنطن بوست« في صدر صفحتها الأولي إن: »قيادات المجلس العسكري أحنت هامتها أمام المتظاهرين.