خطف ميدان التحرير من جديد أبصار العالم بعد المواجهات الدامية الأخيرة.. عادت الصحف العالمية لسابق عهدها في 25 يناير. أفردت كبريات الصحف مساحات كبيرة علي صدر صفحاتها الأولي، وافتتاحياتها لاستعراض ما يجري والتعليق عليه. وهناك شبه اتفاق بين جميع الصحف علي إدانة التعامل القمعي مع المتظاهرين، و التأكيد علي أن المجلس العسكري وضع نفسه في مأزق صعب، وتعرضت شعبيته في الشارع لضربة موجعة بسبب استخدام قوات الأمن المفرط للقوة في الأحداث الجارية وسقوط أعداد كبيرة من المتظاهرين السلميين ما بين قتلي وجرحي. صحيفة " نيويورك تايمز " الأمريكية أدانت الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين، وأفردت الصحيفة في صدر صفحتها الأولي مساحة كبيرة لاستعراض ما يجري علي الساحة المصرية، وقالت إن ما يحدث الآن هو إعادة إنتاج نظام مبارك، ويذكر بنفس المواجهات القمعية لثوار 25 يناير. ورأت الصحيفة إن المجلس العسكري الأعلي الذي يجلس علي قمة السلطة في مصر ، أثبت أنه امتداد لمبارك ونظامه، وأن الأحداث الأخيرة التي شهدت سقوط قتلي وجرحي، وما أعقبها من تقديم حكومة رئيس الوزراء عصام شرف استقالته هي الضربة الأخيرة الموجعة في شرعية المجلس العسكري الحاكم. وفي بيان لمنظمة العفو الدولية، أدانت المنظمة الأحداث الأخيرة، واتهمت المجلس العسكري بانتهاك حقوق الإنسان وعدم الوفاء بوعوده، قائلة إن "بعض انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت منذ تسلمه إدارة شؤون البلاد هي أسوأ مما كانت عليه الحال في ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك".وقالت إن المجلس العسكري يمارس نفس القمع، الذي دفع المصريين للثورة علي مبارك. وفي تقرير مطول علي صدر صفحتها الأولي أيضا قالت صحيفة " واشنطون بوست ": " إن جنرالات مصر وعلي الرغم من ترحيب الشعب بهم واعتبارهم أبطالا لوقوفهم مع الثورة ضد مبارك، لا أنهم ارتكبوا أخطاء غيرت صورتهم بين أوساط المصريين كإطلاق يد الأمن في قمع المتظاهرين السلميين، وتقديم آلاف المدنيين والنشطاء والمدونين إلي المحاكمات العسكرية، ومد العمل بقانون الطوارئ، مما جعلهم في نظر المصريين يستبدلون نظاما سلطويا بآخر ". وفي صفحة الرأي كتبت صحيفة " جارديان " البريطانية تحت عنوان "دور الجيش المصري حماية الثورة فقط"، قالت فيه: " إن العديد من المصريين ذاقوا الأذي علي يد العسكر في مصر من بينهم نشطاء الثورة ومدونون ومتظاهرون وأقباط منذ الإطاحة بالرئيس السابق مبارك الذي يواجه محاكمة شبه مجمدة حاليا ".. وأضافت الصحيفة: " وبعد الذي جري في ساحة التحرير، برزت مواقف واضحة من الدور الذي يلعبه الجيش في الحياة السياسية حاليا في مصر، وبات المصريون يطالبون الآن المجلس العسكري الحاكم بتحديد موعد دقيق لتخليه عن السلطة وتولي مدني لمنصب وزير الداخلية ".. وأوضحت الصحيفة: " وحتي قبل الأحداث الأخيرة كان الجيش قد خسر الكثير من رصيده لدي المصريين، بسبب الدور الذي لعبه في وضع حد لحكم مبارك، لكن بعد الذي جري في ساحة التحرير ستواجه المؤسسة العسكرية المصرية مشكلة كبيرة تتعلق بشرعيتها. . صحيفة بريطانية كبري أخري هي " ديلي تليجراف " تناولت أيضا التطورات في مصر، وكتبت تحت عنوان "هل ينصت الجنرالات في مصر إلي المتظاهرين الآن": " إن المصرين عادوا الي ساحة التحرير لأن الجنرالات مستمرون في السيطرة علي السلطة في مصر، وأن النظام السابق مستمر لكن بغياب الرأس فقط وهو حسني مبارك". وقالت الصحيفة: إن المصريين العاديين الذين كسبوا الشجاعة بعد ثورة يناير الماضي لن يسكتوا بعد اليوم علي تصرفات الحكام، وهذه الرسالة وصلت بكل وضوح الي أروقة الحكومة التي قدمت استقالتها. وتحدثت الصحيفة عن الخطأ الذي ارتكبه المجلس العسكري في تقدير رد فعل المصريين علي الوثيقة الدستورية، التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، والتي شملت من بين ما شملت إعطاء المؤسسة العسكرية دورا خاصا مثل عدم خضوع ميزانيتها للرقابة، ومنحها حق الاعتراض علي الدستور المزمع وضعه العام المقبل. وتضيف الصحيفة: »إن العسكر في مصر لم يتوقعوا أن تكون ردة الفعل علي الوثيقة عودة الناس الي ساحة التحرير مطالبين العسكر بالتخلي عن السلطة«. وتؤكد ديلي تلجراف أن: »تعامل الأمن مع المحتجين وسقوط أكثر من 36 شخصا وإصابة أكثر من 1500 شخص ساهم في تفاقم الأوضاع أكثر وأثار غضب الرأي العام في مصر«. وختمت الصحيفة تقريرها المطول بالقول: »إن علي المشير محمد طنطاوي أن يطمئن المصريين بأن الجيش سيترك السلطة، ويعود الي ثكناته لدي انتخاب قيادة جديدة لمصر، وذلك عبر الإعلان عن موعد ثابت ونهائي لانتهاء مسئولية المجلس العسكري عن حكم مصر، ويجب أن تصل رسالة المتظاهرين في ساحة التحرير إلي جميع أعضاء المجلس العسكري وحتي أكثرهم عنادا وتشبثا، فحواها: لا يمكن بعد الثورة ازدراء الرأي العام المصري«. وفي باريس تصدر المشهد المصري وتطورات الأوضاع في ميدان التحرير وبعض محافظات مصر مع تواصل الاشتباكات والمواجهات عناوين الصحف الفرنسية الصادرة أمس.