في عام تسعة وثمانين أتيح لي أن أقف في طشقند عاصمة اوزبكستان امام مصحف شريف منسوب إلي سيدنا عثمان، الحروف غير منقوطة، خط أقرب إلي الكوفي، قراءته صعبة خاصة لمن لا يحفظ القران، تذكرت مصحفاً مشابها رأيت نسخته الأصلية في حجرة المخلفات والآثار لنبوية المجاورة لضريح مولانا وسيدنا الامام الحسين في القاهرة، كان ذلك منذ حوالي خمسين عاما، ثمة نسخة أخري منسوبة إلي سيدنا الحسين محفوظة في متحف طوب قابو سراي باستانبول، نقلها الخلفاء العثمانيون بعد غزو مصر في القرن السادس عشر، وقد رأيت هذا المصحف الشريف عدة مرات بدءاً من عام تسعة وسبعين، خلال زيارتي الأخيرة، صحبنا الصديق الدكتور أكمل الدين حسان أوغلو مؤسس مركز الدراسات الإسلامية والفنون المعروف باسم »اوسطا«، صحبنا إلي المركز، الدكتور عماد ابوغازي وزير الثقافة، أطلعنا علي المكتبة الجديدة الضخمة التي اقيمت محل مخزن سلاح تابع لقصر بلدز، أحد أجمل القصور العثمانية المطلة علي البوسفور، وقد خصصته الحكومة التركية ليكون مقراً للمركز الكلام عن المركز يطول، لكن يمكن القول إنه أحد أهم المؤسسات المعنية بالتراث الإسلامي علي مستوي الكوكب، ويمتد نشاطه إلي سائر البلدان، ويقوم بإحياء فن الخط العربي خاصة. أحد أهدافه جمع ودراسة وتدوين جميع نسخ المصاحف الهامة في العالم، وجري التوجه لدراسة مصحف عثمان المحفوظ بالمشهد الحسيني بالقاهرة، وقدم الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف السابق كل التسهيلات لدراسته ونسخه، أي اعداد نسخة طبق الاصل منه مطبوعة، حققها وقدم لها الدكتور طيار فولاج، والدكتور خالد أرن المدير الحالي للمؤسسة، ثم طباعة المصحف بدعم من المغفور له الشيخ زايد آل نهيان. مقدمة المصحف تقع في مائتي صفحة، أي أنها دراسة مستقلة، أما نسخة المصحف الحسيني، القاهري، المنسوب الي سيدنا عثمان فقطعة فنية، ودراسة المصحف وطباعته يعدان عملا جليلا، ونموذجا لإحياء كنوزنا المجهولة، ودافعا للقيام باعمال مماثلة خاصة ان القاهرة تحتفظ بأجمل وأندر مصاحف العالم في دار الكتب، عدت إلي القاهرة بنسخة من المصحف الشريف وعاد الدكتور عماد ابوغازي بنسخة مطابقة للأصل اهداهما لنا الدكتور أكمل حسان أوغلو مؤسس هذا الصرح العلمي الذي اتمني ان نتواصل معه أكثر.