لا يهمني الآن من كان منا مسلما أم مسيحيا، أو من كان مرشحا رئاسيا أومواطنا بسيطا، أو من كان حزبا أو إئتلافا ! لايهمني إن كنتُ من الفائزين أو الخاسرين، ولايهمني كوني امرأة أو رجلا أوحتي مجرد طفل ! لايهمني إن كنت أملك جاها أو مركزا اجتماعيا أم أنني فقيرة أو مهمشة ! لايهمني إن كنت متعلمة أم جاهلة، أو كنت من خبرات الوطن أو من خيباته ! لايهمني إن كنت من حاملي ألقاب الميدان أو من ملتزمي حزب الكنبة ! المهم الآن واليوم واللحظة هي مصر.. ومصير مصر.. ومصر فقط.. ومصر وحدها بما تعني الكلمة من انفراد وتجرد وأنانية واستحواذ والتزام وانحياز ! المهم الآن أن ندرك خطورة انفلات اللحظة، وخطورة انهزام الوطن، وخطورة انكسار الهمة، وخسارة مصر ! المهم الآن أن ننتبه لوجود خطة منظمة وجريمة ممنهجة وتخطيط مسبق لكسر إرادة مصر، والحاق الأذي بالبلد، ونصب سرادق الوطن ! المهم أن تتخل النخبة المدّعية عن مصالحها المزيفة من أجل مصالح الوطن العُليا، وأن تنهي صراعاتها الملتهبة قبل أن تشتعل نيرانها المدمرة في بلدنا، وأن تُقدم هذه النخبة لحظة إنقاذ الوطن علي لحظة اقتناص المكاسب ! نحن أبناء الوطن.. أبناء مصر.. لانريد من النخبة ان يتقاسموا بلدنا فيما بينهم، ولا أن يتقاسمونا بينهم كشعب كما يتقاسمون غنائم المعارك، فلا هم خاضوا معركة حقيقية علي أرض الواقع حتي الآن، ولاهم تركونا وشأننا وشباب ثورتنا في ميدان تحريرنا نتقاسم الدفاع عن ثورة بلدنا.. تلك الثورة التي قامت لتزيح عن نفوسنا الغُمة، فإذا بها تغمرنا في غمام أكثر ظُلمة، وليل أكثر حُلكة ونهار أكثر مرارة ! نحن الشعب نؤكد، ونُشهد الدنيا علي أننا لم نمنح حتي الآن توكيلا لمن يريد أن يتملك إرادتنا أو أن يضعف همتنا، أو يفرق كلمتنا، أو يُدمر عزيمتنا، لم نعط أحدا حبرا سريا كي يكتب لبلدنا دستورا سريا بعيدا عن أّم أعيننا، أو منحنا أحدا صكا دينينا كي يضمن لنا الجنة أو يحرقنا في أتون النار - معاذ الله - ! نحن الشعب لم نختار أحدا كي يقودنا أعمياء أوكالطرش في زفة الوطن إلي كيفية عيش دُنيانا أو لقاء نهايتنا بين يدّي ربنا ! كما لم نمنح أحدا صكا أبديا لامتلاك مصير أبنائنا وأجيالنا وأحوالنا ومستقبلنا ! قد نكون قد أفرطنا الثقة في البعض، أو أخذتنا فرحة الانتصار، أو نالت منا شهوة الأمل، أو غرتنا لحظة الزهو، لكن من منا - من لم أو لن يخطئ - كما أنها ليست النهاية أيضا أن نحسن الظن، بل أنه ربما تكون هذه هي لحظة الإستفاقة وهي اللحظة المواتيه لنا كشعب للانتباه والاصطفاف وإعادة الالتفاف ليس حول جهة أو هيئة أو أشخاص أو أحزاب أو إئتلافات، أو حكومات، أو عقائد! هي إذن لحظة إنصاف البلد، هي لحظة تحديد المصير، ولحظة استعادة البصيرة، وحدة الرؤية والسمع، ولحظة عبقرية الإبداع الشعبي المصري، وتفرد الحس الوطني الفّطري، وروعة الوعي المصري العبقري، في الانقضاض المباغت علي من يقف في طريق ثورتنا، ويهدد حريتنا، ويريد انتقاص كرامتنا، أويحاول اقتناص لقمتنا، وسرقة ثورتنا.. نحن الشعب لن نمد يدنا بعد اليوم إلي أحد كان، أو جهة كانت، أو بلد كانت.. بل نمد يدنا لبلدنا.. وبلدنا وحده.. نحميه وحده، وثورته وكرامته.. وحريته واستقلاله وخلوده.. وحده.. نعم وحده! مسك الكلام.. "الشعب والبلد.. إيد واحدة ".