نقلا عن : المصرى اليوم11/8/07 لايهمني إن كان محمد حجازي مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو حتي بوذيا .. فهو شخص - وإن كان يسعي لجذب الانتباه - لايستحق أدني اهتمام مني أو من غيري .. فهو مجرد لعبة .. والمهم فعلا هو من يلعب بها ويحركها. وأغلب الظن أن هناك من يحركه ويلعب به من الخارج ولو بشكل غير مباشر. ولا أظن قصته إلا مجرد مقدمة أو بالون اختبار لألعاب أكثر خطرا.. ومع احترامي للآراء التي تري عدم التوقف عند قضية تحول محمد حجازي من الإسلام للمسيحية، وعدم إعطائه الشهرة التي يبحث عنها، إلا أنني أري الاكتفاء بالصمت والفرجة خطأ كبيراً يؤدي إلي خطر أكبر.. ولاأستطيع منع نفسي من رصد بعض الحقائق والملاحظات والتساؤلات المهمة في تلك القضية المريبة. أولا: صحيح أن الدين لله والوطن للجميع.. ولكن إذا كان المرء حرا في اختيار دينه، فهو بالتأكيد ليس حرا في العبث بأمن الوطن.. والطريقة التي أقدم بها محمد حجازي علي الإعلان عن ترك الإسلام والدخول في المسيحية مستفزة لدرجة المساس والتهديد للوحدة الوطنية التي يتأسس عليها أمن الوطن.. فمن غير المتصور أن يستقبل معظم المصريين المسلمين هذا الخبر بنفس الدرجة من الهدوء والتعقل. ثانيا: أن الدين علاقة بين العبد وربه، وأن الله يحاسب العباد علي ما اعتقدوه في الحياة الدنيا وهذا أمر لاشأن لنا به.. ولكن المؤكد لنا أن الإسلام لن يتأثر بخروج شخص واحد منه كما أن المسيحية لن تكسب بهذا الشخص. ثالثا: أن محمد حجازي - حسبما نشر علي لسان والده - تم تنصيره في منزل بحي المطرية بالقاهرة، وأنه اصطحب بعضا من أصدقائه لهذا المنزل لنفس الهدف.. وأن هذا المركز هو أحد مراكز التبشير المنتشرة في مصر.. فمن يدعم هذه المراكز ؟ وما مدي مسؤولية الكنيسة المصرية عنها ؟ وهل سمحت بها السلطات المدنية المصرية ؟ وماهي تلك السلطات ؟ وإن لم يكن فلماذا لم يتم التعامل معها باعتبارها بؤراً خارجة عن القانون ؟ ثم هل يجوز ذلك في دولة يدين السواد الأعظم من أبنائها بالإسلام ؟ رابعا: أن إعلان محمد حجازي المريب جاء متزامنا مع بعض الأمور المريبة من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية.. فأحد المراكز البحثية التابعة للكونجرس الأمريكي قدم اقتراحا منذ أيام قليلة بتخصيص جزء من أموال المعونة لصالح الأقباط.. كما أن هناك حملة تبرعات دعا إليها القس الأمريكي فيكتور مكاري منسق الكنيسة المشيخية الأمريكية لدعم المنصرين الأمريكيين العاملين في مجال التبشير في مصر وترميم مقابر المتوفين منهم في أسيوط وأن هناك زيارات لرجال دين أمريكيين لهذة المقابر وآخرها للناشط التبشيري دون موزلي وأنهم يؤسسون منازل للفقراء ويمنحون إنجيلا لكل من يحصل علي منزل.. فمن سمح بهذة العمليات التبشيرية الأمريكية في مصر؟ وما مدي علم حكومة مصر بها؟ وما مدي انخراط السفارة الأمريكية في مصر في هذة القضية ؟ خامسا: أن الكنيسة المصرية التزمت الصمت التام تجاه ما ينشر عن حملات التبشير بين المسلمين في الأحياء الفقيرة.. فلم تنف ولم تؤكد.. ولا أدري هنا هل الوحدة الوطنية في مصر مسؤولية المسلمين فقط، أم أنها مسؤولية تضامنية تفرض علي رجال الدين المسيحي والمسيحيين جميعا المشاركة الإيجابية فيها والحفاظ عليها؟ سادسا: لاأطالب رجال الدين الإسلامي بأن يهبوا لمنع محمد من الخروج عن الإسلام كما فعل بعض رجال الدين المسيحي والمتعصبون من المسيحيين الذين تظاهروا أمام الكاتدرائية منذ أعوام قليلة للمطالبة بتسليم وفاء قسطنطين التي أسلمت وقتها .. ولكنني لا أستطيع هنا التفريق بين معني التفريط والتعقل من جانب رجال الدين الإسلامي .. فقد بدا الجدل الذي تسبب فيه فضيلة المفتي بكلامة حول حد الردة مؤخرا كتمهيد لإعلان محمد عن مسيحيته .. ونحن في حاجة ماسة الآن لتحديد الرؤية بشكل قاطع حول هذا الموضوع من المجلس الأعلي للشؤون الإسلامية أو فضيلة شيخ الأزهر. سابعا: أن الحكومة المصرية بأجهزتها المختلفة تبدو وكأنها خائفة من الخوض في هذة القضية والانخراط فيها، رغم أنها تعلم علم اليقين - كما يعلم المصريون جميعا - أن العبث في هذة المنطقة خطر مؤكد علي أمن مصر.. فهل يجوز أن تكتفي تلك الأجهزة بالصمت مثل العقلاء من المثقفين والكتاب دون أن تبحث فيمن يقف وراء محمد حجازي ويلهو بأفكاره وبأمن الوطن ؟ ثامنا: هل تسرعت الدولة بالإعلان عن حقوق المواطنة كمبدأ دستوري قبل أن تحسب جيدا ماذا يمكن أن يترتب علي ذلك من إضرار بالوحدة الوطنية ؟ أو بمعني آخر.. هل تلغي المواطنة كون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن مصر دولة تدين الغالبية العظمي فيها بالدين الإسلامي؟ وإن كانت الدولة قد درست الأمر جيدا، فكيف تتعامل إذن مع هذة الواقعة المريبة، وماذا تفعل لو تطور الأمر لفتنة طائفية لاقدر الله ؟ تاسعا: صحيح أننا جميعا - مسلمين ومسيحيين - شركاء في وطن واحد، وأنني شخصيا لا أقبل التفريق بين المسلم والمسيحي في الحقوق والواجبات ولكن مافائدة المواطنة إذا كان سيترتب عليها فتح الباب للبعض كي يعبثوا بأمن الوطن ؟ هل المواطنة تهدف لتأكيد الوحدة الوطنية أم تضربها في مقتل ؟ وأخيرا.. فهذه ملاحظات وتساؤلات طبيعية من شخص يؤمن تماما بأن الدين لله وأن الوطن للجميع.. كما يؤمن تماما بأهمية الوحدة الوطنية كسياج يحمي أمن مصر القومي.. ولكنني أيضا أستشعر خطرا من السكوت، وتربصا من وراء الحدود.