هل أخطأ فضيلة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور علي جمعة عندما وصف أحداث ماسبيرو بأنها ليست مسألة دينية ولا طائفية وإنما هي همجية تنبذها وترفضها كافة الأديان السماوية والأعراف والمواثيق؟! وهل خالف فضيلته أي نص في تعاليم الإسلام عندما أكد أن الحل الوحيد لمواجهة ما حدث يتمثل في سيادة القانون علي جميع المصريين: المسلمين والمسيحيين بلا تفرقة. وإن لم يطبق القانون بحزم فستغرق سفينة الوطن في مشاكل كبيرة؟! أبداً لم يخطيء فضيلته. فعين الحق ما قاله. لكن هناك من يري غير ما نراه. فأحدهم : السيد/حجازي محمد يوسف الشهير بالشيخ أبو اسحاق الحويني ظهر علي قناة فضائية مهاجماً فضيلة المفتي مستخدماً في هجومه ألفاظاً غير لائقة : طعناً في دينه وأخلاقه وعلمه (..). كما لم يتردد أو يتحرج في وصف مفتي الديار المصرية الجليل بأنه: ولد ميتا (..). و بالطبع .. لم يرد فضيلة المفتي علي من تطاول عليه وإنما ترك المهمة للقضاء الذي سينظر خلال أيام في الدعوي التي رفعها فضيلته ضد الشيخ الحويني متهماً إياه بالسب والقذف القصد منهما المساس بالشرف والتأثير علي مركزه ومكانته الدينية. ازدحمت مواقع النت بالتعليقات التي ندد أصحابها بتطاول »الحويني« علي »جمعة« توقفت أمام تعليق بتوقيع »اسماعيل« يقول: »ما قاله الحويني في حق فضيلة المفتي جعل أعيني تبكي من الألم. بدأ الأستاذ الحويني كلامه بأن الامام علي جمعة ولد ميتا وقام بالطعن في دينه وفي أخلاقه وفي مؤهلاته ناسياً قول المصطفي صلي الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. لا تحزن فضيلة الإمام العلامة علي جمعة فنحن نحبك في الله كثيرا«. وإذا كان الدكتور علي جمعة لم يدافع عن نفسه ضد هذه الأكاذيب والافتراءات، فالرجل أكبر من ذلك بكثير، إلاّ أنه واصل توعية المصريين بحقائق الوسطية الإسلامية، وإرشادهم إلي ما يفرضه الإسلام في التعامل مع أصحاب الديانات الأخري. فها هي دار الإفتاء المصرية تصدر بالأمس فتوي تجيز للمسيحيين في الديار المصرية وفقًا للشريعة الإسلامية بناء الكنائس في ظل الدولة الإسلامية إذا احتاجوا إلي ذلك في عباداتهم وشعائرهم التي أقرهم الإسلام علي البقاء عليها وذلك وفق اللوائح والقوانين التي تنظمها الدولة المصرية في ذلك؛ حيث لم يَرِدْ في الشرع الحنيف المنعُ من ذلك في شيء مِن النصوص الصحيحة الصريحة، وأنه طبقا لذلك جري العمل عبر العصور المختلفة، ووفق اللوائح والقوانين التي تنظمها الدولة المصرية في ذلك الأمر. وأضافت الفتوي التي جاءت في وقتها المناسب مشددة علي أن: » الإسلام ترك الناس علي أديانهم ولم يُجبِرْهم علي الدخول في الإسلام قهرًا، فقد سمح لهم بممارسة طقوس أديانهم في دور عبادتهم.. ولفتت أمانة الإفتاء إلي أن الشريعة الإسلامية كلفت المسلمين بتوفير الأمان لأهل الكتاب في أداء عبادتهم تحت مظلة الدولة الإسلامية«. ما جاء في الفتوي الجديدة هو نفسه الذي التزم به قانون دور العبادة الموحد الذي لم ير النور داخل الأدراج التي حبسه أصحابها داخله منذ سنوات عديدة ماضية. فالمادة الأولي من القانون تفوض المحافظين في مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو توسيعها أو ترميمها، علي أن يبت في طلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التقدم بالطلب، ويعتبر انقضاء المدة المذكورة دون البت بمثابة موافقة عليه مع مراعاة تناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات المعترف بها في مصر في كل قسم أو مركز داخل كل محافظة مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل. وحظرت المادة الثانية إقامة دور عبادة أسفل العقارات السكنية أو فوقها أو علي شواطئ النيل أو الترع أو المناطق الأثرية أو التاريخية أو أي مناطق أخري محظور البناء فيها. لماذا إذاً التأجيل والتأخير والتجاهل في إصدار هذا القانون؟! ألم نكتف بما اكتوينا به من أحداث وصراعات وأزمات راح ضحيتها أرواح العشرات وسالت فيها دماء المئات؟!