علي طريقة عض قلبي ولا تعض رغيفي.. انتفضت فلول الحزب الوطني غاضبين وعلت صرخاتهم مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور عندما ازدادت المطالب من التيارات الثورية باتخاذ اجراءات العزل السياسي لمن أفسدوا الحياة السياسية من أعضاء الحزب الوطني المنحل والمناداة بتطبيق قانون الغدر رغم علمهم أن يد القانون- الذي اختلف القانونيون حول صلاحيته للتطبيق- لن تحرمهم من خوض الانتخابات البرلمانية التي ستجري الشهر القادم . لقد أوشك الوقت الثمين علي النفاد وبعد ساعات سيفتح باب الترشح دون وجود موانع قانونية تمنعهم من خوض الانتخابات بعد أن اشهروا 8 احزاب بأسماء مختلفة لكن مجرد المطالبة بعزلهم وحدتهم بعد تشرذم وخرجوا من مخابئهم ليتحدوا علي الملأ في مؤتمرين حزبيين بنجع حمادي والشرقية ليعلنوا رفضهم لقانون الغدر المزمع صدوره مؤكدين أن العزل لا يكون إلا لمن يثبت فساده بحكم قضائي، من سمح بعقد هذه المؤتمرات ؟ وكيف اجتمع آلاف الأعضاء السابقين مدافعين عن الحصانة التي طالما أنفقوا الملايين للفوز بها بالتزوير ليجنوا من ورائها مكاسب خيالية الآن يمدحون في الثورة السلمية التي لا يجب أن تقوم علي إقصاء تيار بعينه لأن الحرية لا تبني علي القوانين الاستثنائية وأن الحكم سيكون لصندوق الانتخاب! قد تأتي النيران من مستصغر الشرر.. وقد تتراكم تحت الرماد غير ظاهرة للعيان بينما تواصل جذوتها الاشتعال حتي تأتي لحظة الانفجار المدوي التي لم يتوقعها أحد،هكذا تنفجر أزمات الفتنة الطائفية بين فترة وأخري وتتعدد الاسباب ولكن النتيجة واحدة ..مزيد من الاحتقان والغليان لا يخفف منها عناق الشيوخ والقساوسة ..وتتباعد المسافات شيئا فشيئا بين من عاشوا آلاف السنين قريبين مثل الأهل ويتفسخ النسيج الوطني وقد يتسع الرتق علي الراتق ويصعب إصلاح ما أفسدته أصابع المؤامرات الخفية ومكائد الفلول التي تسكب الوقود علي نيران التعصب الديني، كان يمكن منع أحداث الأحد الدامي فالمفروض أن المظاهرة معلن عنها مسبقا فلماذا لم يتم منعهم قبل الوصول الي ماسبيرو؟ وهو مبني استراتيجي يجب تشديد الحراسة عليه ولا يسمح بالتظاهر أو الاعتصام حوله حتي لا يتعرض للخطر ويعطي مظهرا غير حضاري لمبني الاذاعة والتلفزيون وأصبح قطع طريق الكورنيش حدثا متكررا رغم مايسببه من اختناقات مرورية ..أما المرعب في أحداث الأحد الدامي فهو كم العنف الذي تعامل به المندسون بين الأقباط مع الشرطة العسكرية ورشقهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف واستخدام الرصاص للمرة الأولي مما يوحي بدخول بلطجية في الصراع ليؤجج المعارك فقاموا بحرق سيارات ومدرعات الجيش واشتعال النيران في عمارة مجاورة للمبني وتكررت مشاهد الكر والفر بين الفريقين وانتقلت المعركة الي ميدان التحرير...ربما يبدو سبب غضبة الاقباط بسيطا لكنه مبني علي رواسب قديمة يجب أن تعالج من جذورها. رائحة المؤامرة تفوح وتكاد تزكم الأنوف في أحداث الأحد الدامي الذي أعاد لنا أجواء الأيام الأولي من ثورة يناير من فوضي وحرائق وتراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف وكر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن مقتل 24 مواطنا اصيبوا بطلقات نارية و202 مصاب مصري .تدخل البلطجية فحولوا المظاهرة السلمية للأقباط المتجهة من دوران شبرا الي ماسبيرو مطالبين بعزل محافظ أسوان وسرعة اصدار قانون العبادة الموحد ..علي خلفية أحداث كنيسة الماريناب بادفو التي لم يعالجها المحافظ بالحكمة الواجبة فاشتعلت المظاهرات في عدة محافظات . كانت الصور المأساوية التي شاهدناها في التلفزيون شديدة الإيلام ومثيرة للرعب علي مستقبل الوطن لم تكن الفتنة الطائفية هي السبب الرئيسي للاحداث الاخيرة ولكنها الاصابع الخفية التي لا تريد لمصر أن تنعم بالأمان .