تأتي الدعوات المتصاعدة بتفعيل "قانون الغدر"، وتطبيقه على قيادات وأعضاء الحزب "الوطني" المنحل، كأحد أهم المطالب التي دعا إليها الثوار قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، من خلال عدم السماح لفلول الحزب الحاكم سابقًا بالمشاركة الانتخابية، انتخابًا وترشحًا، وتنحيتهم من المواقع القيادية بالدولة، ومعاقبتهم بتهمة الفساد السياسي. وأبدى المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة سابقًا، تأييده لتفعيل القانون الذي يرجع إلى الخمسينات، مشددا على ضرورة تطهير النظام السياسي في مصر من الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر على مدار 30 سنة عن النشاط السياسي لمدة تصل إلى خمس سنوات. وأضاف في تصريحات ل "المصريون": لا بد من تفعيل قانون الغدر الصادر سنة 1953، بعد تعديل نصوصه لإلغاء ما يتعارض منها مع الشرعية الدستورية الحالية، ليتضمن تحديدًا وتعريفًا للإفساد السياسي والافعال التي تندرج في إطاره، وفيما يتعلق بتشكيل المحكمة التي تنظر تهم الفساد السياسي أمام المحاكم الجنائية العادية، وأن تكون جهة الادعاء هي النيابة العامة. واقترح أن يتم النص على فرض عقوبات سياسية وأخرى مالية، بحيث تشمل الحرمان من حق ترشح إلى عضوية المجالس النيابية والمحلية، أو التعيين في الوظائف القيادية العامة، فضلاً عن غرامات مالية بقيمة ما أضر به المتهم المال العام. وطالب بضرورة أن يشمل العزل السياسي كل من ارتكب أفعالاً تخرج عن الصالح العام وأضر بمصالح الجماهير وأدى إلى إفساد العمل السياسي مثل تزوير الانتخابات، على أن يكون ذلك في صلب القانون. ولدى سؤاله حول ما إذا كان بالإمكان شمول القانون كل من عقد الصفقات مع النظام السابق، رد رئيس مجلس الدولة سابقًا بقوله، "ليس من المهم عقد الصفقات ولكن من فعل التزوير وسمح به أو عطل الديقراطية في البلد واستغل نفوذه السياسي لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية". وقال إن هناك طرقًا أخرى لتحديد من أفسدوا الحياة السياسية في مصر، من خلال تشكيل لجان يمكن تسميتها ب "لجان القضاء على الفساد السياسي"، أو "رجال التطهير"، على أن تتولى جمع المعلومات عن جميع قيادات الأحزاب، ومن ثم تتولى مسئولية جمع الأدلة فيما يتعلق بأي شخص تحوم حوله شبهة الفساد. وشدد الجمل على ضرورة الإسراع في تطبيق العزل السياسي على من أفسدوا الحياة السياسية، وتطبيق اللجان الشعبية في الكشف عن الفاسدين، وبما يتطابق مع مبادئ القانون، دون أي انتهاك له. بدوره، اعتبر الدكتور عبد الله الأشعل المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة أن "قانون الغدر" هو أحد أهم الأهداف للسياسيين خلال هذه المرحلة، باعتباره الآداة التي نستطيع بها حجب من أفسدوا الحياة السياسية وإبعادهم عن العمل السياسي، مؤكدًا أن عدم تفعيل العزل السياسي معناه تكرار الفساد مرة أخرى. وشدد الأشعل على ضرورة توافر إرادة شعبية سياسية وأن يكون هناك اقتناع لدى الحكومة والمجلس العسكري بأن النظام السابق كان فاسدا ولا يصلح أن يكون له دور سياسي، محذرا من أن السماح لفلول "الوطني" بالترشح في الانتخابات القادمة سيشعل "حربًا أهلية" يتحمل المجلس العسكرى مسئوليتها، لأنه بوسعه أن يفض الاشتباك بين القديم والجديد بتفعيل "قانون الغدر". وانتقد سلوك الحكومة الذي قال إنه يشير إلى الالتفاف علي الثورة، موضحا أنها تبرر المخاوف من تسلل الفلول والانفلات الأمني لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى واستمرار الحكم العسكري حتي تضيع الروح الثورية وينتصر فلول النظام السابق. وطالب بإرساء معايير لتحديد الإفساد السياسي عبر النص على مجموعة من القرارات التي تمنع كل رموز النظام السابق من ممارستهم كل الحقوق السياسية مثل الترشح للمناصب النيابية والعامة. من ناحيته، أكد الناشط الحقوقي سيد فتحي، مدير مؤسسة الهلال للحريات، أن قانون الغدر كان يجب أن يتم تطبيقه بشكل مبكر، لأن هناك صعوبة واقعية تكاد تجعل من المستحيل تطبيق هذا القانون خلال الفترة القادمة على الانتخابات، خاصة أنه سيتم فتح الترشح يوم الأربعاء القادم. وقال إن موافقة المجلس العسكري والحكومة على إقراره كان تحت ضغط شعبي، وتأثير القوي السياسية ولم يكن معبرا عن إرادة القائميين على أمور البلاد. وأشار إلى أن هناك تخاذلا متعمدا في تطبيق القانون علي كل من ثبت أنه افسد الحياة السياسية لأن ذلك يصدر بموجب أحكام قضائية الامر الذي يستغرق وقتا طويلا، الأمر الذي يتيح الفرصة للفلول للترشح إلى الانتخابات وكأن شيئا لم يحدث. وحتى مع تأسيس كيانات حزبية من جانب بعض أعضاء "الوطني" إلا أنه رأى أن ذلك لن يعفي كل من أفسد الحياة السياسية بمصر من العقاب حتي ولو وصل إلى منصب رئيس الجمهورية، إذا ما ثبتت إدانته وفق "قانون الغدر"، حيث سيتم عزله تماما من المشاركة السياسية.