عودة القوافل السياحية المصرية للتجول بين العواصم العربية في الأسابيع الأخيرة يعني فشل دعاوي المعارضين الذين كانوا يشيعون بأن لا فائدة من ورائها. انتصار الرأي المؤيد لاستمرار هذه القوافل جاء بعد دراسة وتفكير متعقل علي ضوء عدم وجود بديل لعمليات الترويج في السوق العربي الذي يختلف عن باقي الأسواق السياحية التي تتعامل معنا. كان لابد أن يضع المعارضون في اعتبارهم طبيعة السائح العربي والمجتمع الذي يعيش فيه علي أساس أن له متطلبات خاصة وأن هناك دولا سياحية أخري تتنافس بقوة علي اجتذابه. كما لا يمكن بأي حال انكار الحملات الواسعة للترويج الاعلامي التي تُقدم بدون مقابل من خلال النشر في الصحف ومحطات التليفزيون في الدول العربية التي تشملها زيارات القوافل.
من ناحية أخري كان لابد أن تدفعنا التطورات والمتغيرات التي شهدتها كل الدول العربية خاصة الخليجية في السنوات الأخيرة الي السعي لأن نكون أكثر قربا وتفاعلا مع ما يتطلع إليه مواطنوها السياح الذين أصبحت تتوافر لديهم القدرة المادية كي يجوبوا العالم. كما كان علينا ايضا أن نضع في حسابنا ازدياد فاعلية حركة الطبقات المتوسطة من العاملين في الوظائف المختلفة والذين حصلوا علي قسط كبير من التعليم الحديث المتنوع. والي جانب هذا فقد أصبح ضروريا أن نتنبه إلي ا ستعادة شغف العائلات العربية بالسياحة في مصر بالعمل علي إنعاش ذاكرتهم المتعلقة باهتماماتهم بالاضافة الي توافر عامل الأمن والأمان لهم. كان علينا أيضا أن ننزع من تفكيرنا وسلوكنا الاعتقاد الذي كان سائدا عندما كنا وحدنا في ساحة الجذب للسياحة العربية لم يعد هناك مكان للاعتقاد السائد بأن السائح العربي قادم قادم الي مصر وهو ما جعلنا لسنوات طويلة نهمل التواصل مع مشاكلهم وشكاواهم من بعض الممارسات.
حقيقة أننا نجحنا في السنوات الأخيرة في إزالة بعض هذه الشكاوي خاصة ماكان يتعلق منها بالتفرقة في أسعار الإقامة بالفنادق الأمر الذي هذا السائح العربي والسائح الأجنبي، يأتي ضمن هذه الخطوات الايجابية التي اتخذناها وتنسجم مع ما يريده السائح العربي.. عملية التحديث الواسعة لسيارات التاكسي التي تسير في شوارع القاهرة وانتشار المولات التجارية المليئة بفروع بيع البضائع العالمية وكذلك التوسع في اقامة المطاعم المتنوعة إلي جانب ظهور العديد من الفنادق الفخمة التي تجتذب فئة الاثرياء العرب.
وعلي ضوء انحسار حركة السياح العرب الي مصر خلال السنتين الأخيرتين فأن سبب ذلك يعود بشكل أساسي الي حلول شهر رمضان المعظم في فترة الاجازات الصيفية التي تعد موسما اساسيا لبرامج السياحة العربية.. ووفقا للتقاليد والميل الي قضاء أيام الشهر الفضيل بين افراد أسرهم وعائلتهم وما يرتبط بمتطلبات هذا الشهر روحيا ومعشيا فإن غالبية السياح العرب يفضلون التواجد في بلادهم. والي أن يتحرك شهر رمضان بعيدا عن فترة الاجازات فأن عدد السياح العرب الوافدين الي مصر سيبقي منخفضا. هذه الظاهرة تجعلنا نفكر في عناصر جذب لقضاء بعض أيام رمضان في القاهرة حيث تنفرد مصر بالعديد من المظاهر الرمضانية الفريدة والممتعة.
من ناحية أخري فاننا مطالبون بالتخطيط من الآن لفترة ما بعد عدم اقتران شهر رمضان باجازات السياح العرب وان تكون لدينا دراسة عن كل ما يساهم في اجتذاب السياحة العربية. واذا كانت اعداد غير قليلة من السياح العرب قد عرفوا طريقهم الي المقاصد السياحية الجديدة في سيناء والبحر الأحمر فان هذا يلقي علينا مسئولية الدعاية والترويج وتوفير كل ما يساهم في زيادة تدفقهم الي هذه المقاصد مضافا اليها الاسكندرية والساحل الشمالي الذي يحتاج الي مزيد من الاهتمام بمراكز التسوق ومدن الملاهي للترفيه عن الأطفال، هذه التجهيزات مسئولية المستثمرين في مجال السياحة الذين يجب ان يتجاوبوا مع المزاج السياحي العربي اذا كان هناك من يقول ان تناقص نسبة السياح العرب قد انخفضت نتيجة الارتفاع الكبير في عدد السياح الوافدين من كل الجنسيات فان علينا ان نفهم ايضا ان تعداد العرب وظروفهم تحتم ان تزداد نسبتهم من حركة السياحة بشكل عام.