الدراما المصرية .. لايمكن أن نتركها مثل اليتيم علي موائد اللئام .. واللئام هنا هم أصحاب الوكالات الإعلانية الذين شاركوا في الانتاج هذا الموسم وشاهدنا وسمعنا مساخر ومهازل بسبب فوضي العملية الانتاجية برمتها. لذلك لابد لوزير الإعلام أسامه هيكل أن يعتني بهذا الملف وأن يدعو أطراف صناعة السلعة الدرامية لبحث سبل استعادة الريادة المصرية للدراما العربية كما كانت ، ترك القطاع الخاص ليتحكم وحده في هذا الملف كارثة فنية وثقافية وعبث بالقوة الناعمة التي تمتلكها مصر ولا أبالغ إذا قلت ان الاهتمام بالدراما المصرية مسألة أمن قومي وأعتقد أن صديقي أسامه هيكل المثقف الواعي بعلاقة الابداع و الفنون و الميديا بالسياسة و الهوية يدرك معني ما أقول ، وفي رأيي أيضا انه لابد أن تكون استراتيجية الحل علي محورين ، الأول : استعادة جهات الانتاج الدرامي التابعة للوزارة مكانتها فيما يتعلق بالاعمال الوطنية والقومية والتاريخية والتي لا يتصدي لها القطاع الخاص خوفاً من الخسارة ( فيلم صلاح الدين الأيوبي للمنتجة أسيا نموذجا) ، ولان معظم المنتجين للأسف ليسوا أهلاً للمهنة بل سماسرة وتجار ولا علاقة لهم بالفن أو الثقافة أو غيرها من المصطلحات التي تثير ريبتهم ، ثانياً : يجب تشجيع القطاع الخاص المستنير من خلال دعم بعض المنتجين المعروفين بتاريخهم المشرف و المشاركة معهم بعيداً عن أعمال الموظفين وروتين الحكومة . عيد صوت القاهرة تحل هذه الأيام ذكري تأسيس صوت القاهرة كأول شركة أنتاج للموسيقي والغناء متكاملة في الشرق الأوسط ، كاسيت واسطوانات وانتاج درامي ، أسسها العبقري محمد فوزي ،ثُم آلت للدولة تأميماً وقد مرت الشركة بمراحل ازدهار وانتكاس ثم جاء إليها مؤخراً رجل معروف بحسن سيرته ونظافة يده وقدراته الادارية الخاصة التي أهلته ليتولي مواقع عديدة أثبت فيها نجاحاً وتميزاً هو سعد عباس صاحب الشعبية في أروقة ماسبيرو ، ولأنني أعرف سماته الشخصية عن قرب فأنا مشفق عليه من مغارة صوت القاهرة التي يسكن في كهوفها كثير من اعشاش الدبابير ، وأقصد بهم أواسط وصغار الموظفين خصوصاً فيما يتعلق بالانتاج ، صوت القاهرة تسيطر عليها عدة عائلات وشلل ويمكن أن تعرف مسلسلاتها سواء للكبار أو للأطفال وكذلك برامجها من الوجوه التي تعمل في أعمالها لانك لن تجدهم في مكان آخر ، فهناك شلة منفذي الانتاج لا تسمح لأحد بالمرور من أمام الشركة إلا إذا كان يتبعها وصاحب مصلحة معها وكله بتمنه ، ولذلك فالتحدي كبير أمام سعد عباس ونحن نحتفل بذكري تأسيس صوت القاهرة لانها الآن هي المكان الوحيد المؤهل لإعادة دور مصر في الدراما بعد أن أصيب قطاع الإنتاج بالشلل وكذلك مدينة الانتاج الإعلامي. حسني مبارك الكومبارس عرفته عن قرب فناناً شاملاً شامخاً يعتز بلقب فنان ، وكنت شاهداً علي رفضه طرق أبواب المسئولين جرياً وراء مصلحة او غرض ، وحكي لي قصة وقوف حسني مبارك كومبارس في فيلم "وداع في الفجر" من إنتاجه أواخر الأربعينات وانه حاول كثيرا بيع الفيلم وعرضه علي القنوات المصرية لكن طلبه قوُبل بالرفض بسبب حسني مبارك ، بل كاد الفيلم ان يحكم عليه بالاعدام لولا نسخة نادرة احتفظ بها والأمل في أولاده للإفراج عنها كما أتمني ان يفرجوا عن المذكرات التي كتبها ليكشف لنا عن أخطر وأهم مراحل وفصول التاريخ المصري الحديث وعلاقة الفن بالسياسة وللعجب أن رحيل الشناوي ايضا كان وداعاً في الفجر علي نفس اسم فيلم حسني مبارك الكومبارس ..!..