من الطبيعي ان تجتاح العالم هذه الضجة الهائلة بعد تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد الامريكي لاول مرة في تاريخها. انعكست تداعيات هذه الضجة بسرعة البرق في صورة اضطراب وهلع في مجتمع دول واسواق المال في العالم باعتبار ان هذا الاقتصاد يعد الاكبر والاعظم والمحرك الاساسي لكل اقتصاديات العالم. تمثلت هذه التطورات في هبوط حاد لجميع البورصات المالية شرقا وغربا. ورغم ما صدر عن بعض جهابذة الاقتصاد المصري وكالعادة بأننا لن نتأثر بما يحدث فقد شهدت البورصة المصرية هبوطا حادا افقدها في ثلاثة ايام 33 مليار جنيه بينما بلغت خسائر البورصة الامريكية 5.2 تريليون دولار والتريليون يساوي الف مليار دولار!! كل التحليلات تؤكد ان قرار اعلان خفض درجة التصنيف الائتماني للاقتصاد الامريكي كان بمثابة ضربة للكبرياء والغرور الأمريكي. انه ثمن الاصرار علي المضي ودون ابداء اي اهتمام بالنصائح في سياسة عدم الاكتراث بالارتفاع المطرد في الديون والعجز في الموازنة العامة للدولة والتي بلغت عشرات التريليونات. وقد جاء هذا القرار الزلزال في اعقاب موافقة الكونجرس الامريكي علي رفع سقف الديون الامريكية بعد مداولات وشد وجذب مع ادارة اوباما داخل الكونجرس الامريكي. وقد اتخذ هذا القرار لتمكين هذه الادارة من تسديد نفقات الاتحاد والمتطلبات الامريكية الرئيسية. وقد حصل الجمهوريون مقابل الموافقة علي هذا الاجراء علي وعد بعدم زيادة الضرائب علي الاغنياء الذي كان بوش قد اتخذه وأدي إلي ارتفاع العجز في الموازنة. وقد رحبت اقتصاديات الدول الاوروبية والاسيوية بهذا القرار علي امل ان يؤدي إلي انعاش الاقتصاد الامريكي إلا ان فرحتهم بالقرار لم تدم كثيرا حيث فاجأهم قرار خفض التصنيف الائتماني وما ترتب عليه من هرج ومرج في كل الاسواق المالية. كان من نتيجة هذه الاضطرابات التي تشهدها الاسواق انخفاضات هائلة في قيمة الاسهم الامريكية والاوروبية والاسيوية والشرق الاوسطية. كل الدول التي لها علاقة قوية بالاقتصاد الامريكي نالها من الحب جانب وفي مقدمتها اليابان والصين المشتريان الرئيسيان لسندات الخزانة الامريكية وكذلك بورصة السعودية التي انخفضت أسهمها بنسبة تتجاوز الخمسة في المائة في يوم واحد. خفض التصنيف الائتماني يعني خفض الثقة في الاقتصاد الامريكي وتقييد قدرة واشنطن علي المزيد من الاستدانة. ولا تقتصر الاثار السلبية لهذا الحدث علي ما شهدته البورصات العالمية من انهيارات وانما هناك توقع بأن يتعرض الاقتصاد الامريكي لحالة ركود وانكماش تتنقل اثاره إلي كل اقتصاديات العالم. وقد حاولت الادارة الامريكية التقليل من القرار وتأثيره بل انها لجأت إلي التشكيك في سلامته. قالت انه استند إلي بيانات مضللة وان هناك خطأ في توقعات الموازنة الامريكية قدره تريليونا دولار. وهو ما استندت اليه مؤسسة »ستاندرد اند بورز« في قرارها بخفض التصنيف الامريكي. وفي مقابل الخسائر التي حققتها الاسهم في البورصات العالمية حقق الذهب باعتباره الملاذ الامن للاموال ارتفاعات كبيرة. وقد اثارت مؤسسة ستاندرد آند بورز في تقريرها امكانية اللجوء إلي المزيد من التخفيض للتصنيف الائتماني الامريكي بعد 81 شهرا اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات الكفيلة بخفض العجز في الموازنة. وقد وجهت الصين الدولة الاكثر تأثرا من مشاكل الاقتصاد الامريكي انتقادا لمواصلة واشنطن مسلسل الاستدانة ودعت العالم إلي اعتماد عملة مستقرة جديدة للاحتياطيات العالمية. وهكذا عاد القلق يخيم من جديد علي الاقتصاد العالمي نتيجة للتداعيات المتوقعة لخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.