سيسجل التاريخ أن مصر قامت بثورة يوم 52 يناير وثورة أخري تالية لها لا تقل في قوتها عنها يوم 3 أغسطس 1102.. واذا كانت الثورة الاولي هي لإسقاط نظام بأكمله فإن الثورة الثانية هي لارساء وبناء نظام جديد للعدالة.. سيسجل التاريخ انها »ثورة العدل« الاولي للحضارة المصرية ولأرض الفراعنة حيث انه لأول مرة يحاكم الشعب حاكم ونظامه في إطار القانون وتحت ميزان العدالة.. لأول مرة يحدث ذلك عبر أربعة آلاف عام في مصر مهد الحضارات، ولأول مرة يحدث ذلك في العالم العربي أرض الدكتاتوريات، ولأول مرة تحدث في العالم النامي والصاعد والجديد دون قرارات دموية مسبقة.. الشعب يريد العدل والبعض يريد القصاص ولكن الغالبية الكبري ترغب في ارساء نظام للعدالة »علي الجميع« يبدأ بمحاسبة المسئول عن قتل شهداء الثورة أي كان منصبه.. ما حدث صباح 3 أغسطس اشد من الزلزال بل تسونامي غير الواقع الي الأبد مبشرا بتطبيق شعارات كانت نظرية في الماضي مثل »القانون فوق الجميع«.. و» الكل سواء أمام القانون« وغيرها من مبادئ بصورة عملية لاول مرة تطبق في تاريخ مصر والعالم العربي منذ عصر عمر بن الخطاب.. وقد أحدث الزلزال انقساما انسانيا وموضوعيا في المجتمع المصري وخارجه فمنهم المؤيد ومنهم المعارض لفكرة واسلوب المحاكمة.. وبغض النظر عن الانقسام الشديد والمفهوم فان محاكمة رئيس الجمهورية السابق في حد ذاتها تمثل الحدث الاهم والاخطر والأكبر عالميا والذي يمكن ان يسمي محاكمة القرن وهو وطني ايضا بداية لعهد جديد ل»ارساء العدل« كأهم ركيزة للديمقراطية في المجتمع المتحضر.. وغرس العدالة كدرع حام لتقدم ابنائه.. من الآن فصاعدا سيفكر اي رئيس جمهورية »قادم« ورؤساء الوزراء والوزراء والمسئولون فيما سيحدث لهم لو خرج احدهم عن الشرعية والقانون.. من الآن سيعود ترسيخ مفهوم الحاكم والمسئول »كخادم للشعب«.. واذا كان الخروج عن القانون هو فرض علي الحاكم والمسئول، فان احترام القانون والشرعية والمجتمع واجب علي كل مواطن.. فلا تخريب ولا فوضي، ولا تدمير ولا هدم، ولا سرقة ولا نهب، ولا بلطجة او اهدار للمال العام ولا مساس بالامن القومي للوطن.. سيحاسب بالقانون من قتل شهداء الثورة، وكذا من تسبب في انهيار جهاز الشرطة الوطني في ساعتين مساء 82 يناير، وسيحاسب بالقانون من اقتحم مراكز الشرطة، وايضا من هدم سجون مصر ومن هرب البعض منهم الي غزة وجنوب لبنان، ومن حرق مجمعات المحاكم والمباني الحكومية، وسيحاسب بالقانون حتما من يقوم بتهريب السلاح ويمارس السطو المسلح والبلطجة، وسيحاسب بالقانون ايضا من تسول له نفسه بالعبث في سيناء أو أي شبر علي ارض مصر، وسيحاسب بالقانون ايضا من يمس الوحدة الوطنية او مكانا للعبادة.. مصر الآن قوية بشعبها حر وجيشها قوي وعدالتها ميزان فوق الجميع.. ادعو حكومة مصر رئيس الوزراء والوزراء لاستثمار الحدث قوميا وتحويله الي »ثورة عدل« لاستكمال بناء نظام للعدالة المصرية تفخر به الاجيال وتشير له امم العالم.. ادعو حكومة مصر ايضا باستثمار ايجابيات الاحداث لبدء ثورة البناء وثورة الانتاج وثورة التصدير وثورة الاستثمار وثورة العمل وثورة التعليم وثورة الثقافة وثورة الاخلاق.. نجاح ثورة مصر هي في نهضة وتقدم وسلام ورخاء ومحبة الامة وسعادة المصريين واذا كانت محاكمة 3 اغسطس هي بداية لعصر »العدالة للجميع«.. فانه يتحتم ان تكون بداية »المشاركة المسئولة« لكل مواطن لبناء وطن عصري نفخر به ديمقراطيا واقتصاديا واجتماعيا.. مواطن يرفع فيه المصري رأسه عاليا ينتج وينافس عالميا »ويعيش في مجتمع العدالة« من اجل الخير والتقدم والرخاء والسلام في عالم متغير.