ما يحدث الآن لم يعد ثورة وإنما هو فوضي.. وهي فوضي يصاحبها للأسف الشديد انفلات سياسي وانفلات اعلامي وانفلات اخلاقي وأوضح مظهر لهذه الفوضي التي تمتد من ميدان التحرير الي كل ميادين مصر وشوارعها وحواريها هو أن يقف في ميدان التحرير شخص اسمه »مطوة«، وآخر اسمه (بطيخة) وثالث اسمه »الاسطي عباس« وللعلم هذه ليست اسماء مجازية وإنما هي اسماء حقيقية لاشخاص حقيقيين. أقول ان أوضح مظهر للفوضي هو أن يقف هؤلاء امام كاميرات الفضائيات ويقولون في بجاحة - وللعلم هم لا يقرأون ولا يكتبون - يقولون نريد شرف أن يأتي إلي هنا ونريد ونريد.. هذه الببغاوات لا هي في البعير ولا هي في النفير وإنما هي أبواق تردد كلاماً صب في أذنيها صبا من باشوات التحرير.. وباشوات التحرير أن كنت لا تعلمهم مجموعة معروفة تركت الملابس المستوردة وارتدت الجينز اتخذت مقرها في اماكن اعدت في الميدان أو المقاهي المحيطة وحولها دائرة صغيرة من الاتباع تقوم بالحماية أولاً ويتوفر الميكروفون والمنصة عند الحاجة ثم - وهو الاهم - توزيع - المعلوم - من غذاء وشراب وبنكنوت علي التابعين وتابعي التابعين من أمثال مطوة وبطيخة والاسطي عباس الذين كسدت أعمالهم وأغلقت ابواب رزقهم فتركوا العشوائيات بحثا عن -السبوبة- المحترمة في ميدان التحرير. باشوات التحرير هم من يهمنا هنا فهم الآن ثلاث فئات.. العلمانيون أو الليبراليون أو اليسار الناصري.. أو الاشتراكيون كل هذه الاسماء لفصيل واحد معروف ومتميز احب ان اسميه باسمه الحقيقي وهو الشيوعيون المصريون.. والفئة الثانية باشوات الاحزاب القديمة.. والفئة الثالثة هم الاسلاميون..هذه هي الفئات الثلاث التي تهيمن علي الميدان والتي يسير باشواتها الامور ويوجهون الدفة ويصوغون الشعارات.. قد توضح هذه المقدمة بعض الاجابة عن سؤال حائر يردده المواطنون وهو من يسيطر علي الميدان وقد تفسر الي حد ما لماذا انفقت امريكا 04 مليون دولار لماذا ولمن ولخدمة اي هدف.. ولماذا كانت بعض سفارات الاتحاد الأوروبي توزع الشيكات بمبالغ وصلت في تقدير البعض الي ما يقارب المائة مليون جنيه.. لماذا تفعل امريكا ذلك ولماذا تفعل دول الاتحاد الأوروبي ذلك اسئلة مطروحة قد يكون من المفيد أن نحاول الاجابة عنها فقد نستطيع ان نضع بعض النقاط علي بعض الحروف التي تكتب الآن قصة الفوضي الضاربة في الميادين.. وأنا هنا انبه إلي أمر في غاية الأهمية هو ضرورة كشف الاقنعة التي تتخفي وراءها الوجوه القبيحة فلم يعد هناك مبرر الآن لارتداء الاقنعة والتخفي وراءها ولم يعد هناك مبرر لاتباع اسلوب (الحرباء) وتغيير اللون والصفة في كل وقت وفي كل حين فالأمور اصبحت واضحة وضوح الشمس والرائحة الكريهة لم يجد نفعاً كل محاولات اخفائها أو التستر عليها. قد تكون هذه مقدمة طويلة بعض الشيء ولكنها - في اعتقادي أمر لابد منه لتوضيح ما أريد قوله وتأصيله والعودة به الي جذوره كيف نشأ وكيف تطور وما الهدف المنتظر أو ما الخطر القادم؟!. قد أعود بعيداً للماضي وأعتقد انه لا بأس من ذلك إذا كان الماضي سوف يضيء لنا طريق المستقبل وسوف يرشدنا الي الدرب السليم وسط الدروب المتشابكة التي تضلل خطانا وتخفي عن اعيننا معالم الطريق. المؤرخون فريقان.. فريق يري أن التاريخ يسير في خطوط مستقيمة وفريق يري أن التاريخ يسير في دوائر وأنا شخصياً أميل للفريق الثاني وقد نبع من رأيه مقولة التاريخ يعيد نفسه فبالفعل ان التاريخ يعيد نفسه.. عندما تم طرد المسلمين من الاندلس والحرب لم تتوقف بين الشرق والغرب وأنا هنا أحب ان استخدم هذا التعبير وهو الحرب بين الشرق والغرب لا بين المسيحية والإسلام فالحرب علي الشرق لم تكن وهي ليست الآن حربا بين المسيحية والإسلام لأن أمريكا والغرب ومنذ زمن طويل لا يهمهم الدين في شيء وحتي في عنفوان الحروب الصليبية لم يكن الدين هو السبب لقد رفعوا راية الصليب فقط كوسيلة لخداع البسطاء والضحك علي ذقون القلة المتمسكة بالمسيحية أما السبب الحقيقي وراء إعلان البابا أوربان الثاني الحرب الصليبية فكان كما عرف بعد ذلك للتخلص من النبلاء الذين كانوا يواصلون الاعتداء علي أملاك الكنيسة الشاسعة وللتخلص أيضا -خدمة لبعض الملوك - من النبلاء المشاكسين عن طريق فتح شهيتهم لانشاء ممالك في الشرق والحصول علي الغنائم وللحديث بقية. ولله الامر