يعتبر مبدآ المساواة وتكافؤ الفرص من أهم مبادئ ثورة 52 يناير 1102 فقد عاني الشباب المصري طوال السنوات الماضية من المضي قدما من جانب حكومات الحزب الوطني والرئيس المخلوع مبارك في اهدار هذين المبدأين. حيث عمقت هذه الحكومات البائدة من مبدأين آخرين هما: القدرة المالية او الواسطة النافذة وبالتالي المحسوبيات الفاجرة. ومن ذلك استطيع أن أبرز المواقف التالية: من يلتحق بكلية الشرطة وأكاديمية الشرطة؟! من يلتحق بالقضاء والنيابة؟! من يلتحق بالنيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة؟! من يلتحق بشركات البترول وخصوصا ذات المرتبات المميزة؟! من يلتحق بوظائف مجلس الوزراء المختلفة ومركز المعلومات؟! من يلتحق بالقرية الذكية بآلاف الدولارات؟! من يلتحق بالهيئة العامة للاستثمارات ووزارة الاستثمارات؟! من يلتحق بوزارة السياحة وقطاعاتها المميزة؟! من يلتحق بمجلسي الشعب والشوري كموظفين وباحثين؟! من يلتحق برئاسة الجمهورية ودواوينها المختلفة؟! من يحصل علي أراضي الشباب من الشباب وقد شاهدنا (سمعا وقراءة) أن وزير الزراعة كان يوزعها علي نواب الشعب والشوري من الحزب الوطني وصدر بيان بذلك؟! كيف كانت توزع أراضي مصر؟! ومن وراء ذلك؟! الاجابة علي هذه الاسئلة وغيرها تبين ان الذين حصلوا علي هذه الوظائف او هذه الاراضي هم اصحاب النفوذ ومن لديهم »ظهر« كما نعرف، وأصحاب القدرة المالية القادرين علي دفع الرشاوي. بينما الوظائف فئة المائة جنيه او المائتين فهي من نصيب الغلابة مثل موظفي المحليات في مراكز المعلومات وغيرها!! الأمر الذي أدي الي اهدار مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، مع انعدام الشفافية والمعايير مما أدي بطبيعة الحال الي تدمير المجتمع. لأن اعمال هذه المبادئ وفي ظل المعايير الواضحة يؤدي الي اختيار الأكفأ الذي يؤدي حتما الي نهوض المجتمع والسؤال: ماذا عن التعليم؟ في الدستور الساقط باندلاع الثورة، كان ينص علي حتمية قيام الدولة بوظيفتين هامتين في مجال التعليم طبقا لنص المادتين (81، 02). الوظيفة الاولي: تقديم تعليم مجاني في جميع مراحل التعليم من الحضانة وحتي الدكتوراة، ولم ينص علي مرحلة دون أخري بل اكد النص في جميع مراحله المختلفة. والوظيفة الثانية: تقديم تعليم وخدمات تعليمية متميزة وتحت اشرافها بالاضافة للبحث العلمي، ومن ثم فإن الدولة ملزمة بأداء دورها في التعليم ورسم سياساته والاشراف عليه بما يخدم التنمية وعجلة الانتاج وبالمجان في جميع مراحلة المختلفة. وحيث ان الدستور نص في المادة (04) علي مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، فان الدولة ملزمة باحترام هذا المبدأ، والخروج عنه هو اهدار لارادة الشعب من خلال انتهاك الدستور. وقد استجوبت الحكومة ولاحقتها في الفترة من (5002 0102) بالاستجوابات وطلبات الاحاطة والبيانات العاجلة، لحثها علي الالتزام بالدستور ومبدأي المساواة وتكافؤ الفرص الا انه من أسف، أن حكومات مبارك، لم تكن تستمع لاحد وسارت في طريقها نحو اهدار هذه المبادئ الدستورية فوجدنا وزراء التعليم يسيرون في هذا النهج، وأوجدوا تعليما حكوميا طبقيا يقدم خدمات تعليمية للقادرين تتسم بالتمييز ومقابل آلاف الجنيهات، وخدمات تعليمية لعامة الشعب تتسم بانعدام الخدمات، وهو خروج عن وظيفتها الاساسية في تقديم التعليم المجاني والمتميز. فوزير التربية والتعليم قام باختراع المدارس التجريبية المتميزة للقادرين ماليا!! رغم وجود مدارس تجريبية كانت مميزة!! وهي تستدعي الالغاء الفوري وصدر حكم من القضاء الاداري بالاسكندرية لم يتم تنفيذه، وهذا علي سبيل المثال، اما وزير التعليم العالي فحدث ولا حرج، حيث اتسم بالعدوانية مع الفقراء والمتفوقين، واخترع البرامج المميزة بآلاف الجنيهات للقادرين، وفي قاعات مكيفة!! كما اخترع امتداد خدمة التعليم المفتوح الي التنسيق ودخول طلاب الثانوية العامة مباشرة ومقابل رسوم، وهو ما يتعارض مع المساواة وتكافؤ الفرص، والتزام الدولة دستوريا بتقديم التعليم المجاني. فالتعليم المفتوح هو مشروع مقبول لاستمرار التعليم لما فاته القطار الرسمي في الوقت الطبيعي، وأراد العودة للتعليم مرة اخري، ولكن بشرط ان يمر عليه بعد المؤهل المتوسط خمس سنوات احتراما لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، الا ان الوزير الغي شرط الخمس سنوات وسمح لطلاب الثانوية العامة بالالتحاق بالتعليم المفتوح بمجموع 06٪ علي الاقل وترك لكل كلية من خلال برامجها في التعليم المفتوح ان تأخذ ما تشاء ووفقا لقواعدها في غياب الدولة؟! فماذا كانت النتيجة؟! الطلاب المتفوقون فوق 09٪ يلتحقون بكليات القمة ومنها الاعلام، فوجئوا بمساواة من حصل علي 06٪ معهم، حيث يستطيع هؤلاء لقدرتهم المادية ان يدخلوا برنامج التعليم المفتوح ويحصلون علي نفس الشهادة بل وبتقديرات أعلي!! وعلي هذا النسق تم تطبيق ذلك منذ عامين علي جميع برامج التعليم المفتوح والحجة الظاهرة هو ايجاد موارد للجامعات!! وتناسي دور الدولة في تقديم التعليم المجاني والمميز. ولذلك: عودة للطريق الطبيعي الدستوري الذي يتفق والصالح العام والشعور بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص اتخاذ قرار عاجل بالغاء التعليم المفتوح من التنسيق وعدم السماح لطلاب الثانوية العامة العاديين بالالتحاق به، والابقاء عليه بالشرط السابق (مرور 5 سنوات علي المؤهل المتوسط علي الاقل). وكذلك اتخاذ قرار عاجل بالغاء الانتساب الموجه مقابل الرسوم، والغاء رسوم البرامج المميزة وقصر الالتحاق بها علي المتفوقين، والحاقها باقسامها العلمية الطبيعية. ان ما أطرحه هو من قيم ثورة يناير، المساواة وتكافؤ الفرص، فإما الاستجابة أو الرحيل. رئيس قسم العلوم السياسية - جامعة بورسعيد