رغم تقديري البالغ، واحترامي الشديد، لكل صاحب رأي وفكر ورؤية، ومع تقديسي العظيم لأرواح الشهداء، ودمائهم التي سالت فداء للحرية والكرامة، والعدالة لكل المصريين،...، ومع معرفتي اليقينية بقدر الألم والفجيعة التي يحس بها كل من وقع عليه ظلم، أو غبن، في السنوات الماضية، ويتطلع للعدالة، وينتظرها. وبالرغم من احساسي المؤكد بقدر وكم وحجم الفجيعة والقهر الذي يسكن قلب من فقد ابنا أو أخا، أو أبا من الشهداء، ويتوق للقصاص العادل، من كل من أطلق رصاصة غدر علي شهيد، أو اصدر أمرا بالقتل، أو وافق علي ذلك بأي صيغة من الصيغ أو معني من المعاني. رغم هذا، وبالرغم من ذلك، إلا إنني لابد ان أقول بوضوح، ودون تردد، اننا لا يجب علي الإطلاق ان نتدخل في أمر من أمور القضاء، ولا يجب ان نملي عليهم ما يفعلون، بأي طريقة من الطرق، ولا بأي وسيلة من الوسائل المباشرة أو غير المباشرة. وعلينا جميعا ان ندرك بوعي كامل، وإيمان حقيقي ان قضاء مصر الشامخ والعادل مستقل في إرادته، وعمله، ولا سلطان لأحد عليه، سوي ضميره، وما وقر في يقينه، وعقله وقلبه، بناء علي الوقائع التي أمامه، ومحل نظره، وفقا للقانون، والعدالة، ودون ميل أو هوي، ودون تسرع أو تباطؤ. وفي هذا الإطار دعونا ندعو الله الحق، ان يكون في عون قضاة مصر العدول، الذين يعملون الآن في ظل جو مفعم بالانفعالات الصاخبة، والمشاعر الملتهبة،...،ودعونا ندعو الله العادل، ان يكون في عون قضاء مصر الشامخ، وهو يتعامل مع مئات، بل آلاف القضايا التي تحتاج كل منها إلي دراسة متعمقة، وإلمام كامل بكل التفاصيل والمعطيات، برؤية كافية وتأن واجب لضمان سلامة الحكم، وإقرار العدالة، وإعطاء كل ذي حق حقه دون زيادة أو نقصان. ياساده،...، لا يمكن ولا يستقيم ان نطالب بالعدالة ، ودولة القانون، ثم نتدخل في شئون القضاء، أو نسعي للتأثير عليه.