توافق كبير يصل الي ما يشبه الأجماع بين مختلف المراكز البحثية وغيرها المهتمة بتحقيق ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وفقا للمعايير الدولية يصب في ضرورة الفصل في الاختصاص الممنوح للنيابة العامة في مصر بين سلطتي التحقيق والاتهام وفقا للمرسوم بقانون 353 لسنة 1952. ويري هؤلاء أن منح النيابة العامة سلطة قاضي التحقيق يمثل انتهاكا لحقوق وضمانات المواطنين بعدم مثولهم أمام قاضيهم الطبيعي. ويؤكدون أن نظام قاضي التحقيق الذي كان معمولا به قبل 1952 والذي يكون فيه لقاضي التحقيق وحده الحق في اصدار قرارات الحبس الاحتياطي والاحالة هو ضمانة لا بديل عنها من خلال تولي التحقيق قاض لا يخضع للسلطة التنفيذية ولا لمكتب النائب العام . وقد ذكرتني بذلك مطالعتي لتفاصيل بعض القضايا ومتابعتي لمرافعات بعض وكلاء النيابة في عدد من القضايا المعروضة حاليا علي محاكم الجنايات. وكنت شاركت في يونيو من العام 2010 في ورشة عمل بعنوان دور النيابة العامة تجاه تحقيق العدالة القضائية في مصر والتي نظمها المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة بالتعاون مع مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية بمشاركة العديد من الخبراء في مجال التشريعات المنظمة لعملية التقاضي والتشريعات ذات الصلة بأعضاء السلطة القضائية ، وكانت للورشة توصيات عديدة أهمها علي الاطلاق فصل سلطة الاتهام عن سلطة التحقيق وإعادة العمل بنظام قاضي التحقيق كضمانة هامة من ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة . و أن يتم تعيين المرشحين للعمل في النيابة العامة في وظيفة دارس لمدة لا تقل عن عامين بمعهد الدراسات القضائية أو أكاديمية تنشأ لهذا الغرض وكذلك التدخل بتعديل تشريعي مفاده الا تكون قرارات النيابة العامة بمنأي عن الرقابة القضائية و ضرورة النص علي وجوب حضور محام في كل مراحل الدعوي الجنائية وبطلان أي تصرف يتم في غير وجود محام وذلك سواء في أقسام الشرطة أو أمام النيابات أو أمام القضاء. أما التوصية الأكثر أهمية طبقا لوجهة نظري اليوم فهي ضرورة تقرير حق التعويض عن أخطاء رجال النيابة العامة وتقرير مسؤولية الدولة بالنسبة لهذه التعويضات ذلك أنني بحثت عن وسيلة لتعويض من تثبت براءتهم الكاملة في قضايا بعد توجيه الاتهام لهم وما يؤدي اليه من اضرار بسمعتهم وباستقرار أسرهم فلم أجد مخرجا قانونيا لمثل هذا التعويض لا معنويا ولا ماديا . أعجبني : الهدوء والحكمة اللتان تعامل بهما المستشار هشام البسطويسي - في لقاء تلفزيوني مع الاعلامي يسري فودة بقناة أون تي في بشأن مأزق الدستور أولا أم الانتخابات التشريعية . فالمستشار البسطويسي يدرك استحالة الالتفاف علي نتيجة الاستفتاء علي تعديل بعض مواد الدستور ولكنه يدرك أيضا استحالة اجراء الانتخابات التشريعية دون وجود أساس دستوري وعليها فقد وجد للمأزق مخرجا ودعا الي حوار شامل بشأنه . فهو يري امكان أن يصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة قرارا بقانون بتعديل بسيط ينص علي أسلوب اختيار اللجنة التأسيسية للدستور وكيفية تشكيلها وشروط التشكيل وذلك من أجل القضاء علي مخاوف هؤلاء الذين يظنون أن البرلمان المقبل سيشهد تفوقا اسلاميا وبالتالي لن يكون لباقي أطياف المجتمع دور في وضع الدستور الدائم . وأعتقد أن ما جاء به المستشار البسطويسي وضع حلا رائعا للمأزق يضمن عدم التراجع عن خارطة الطريق التي وضعها المجلس الأعلي للقوات المسلحة وفي الوقت ذاته يزيل مخاوف الخائفين من "الأسلمة الدستورية ". ويبدو أن هذا الهدوء من هذه الشخصية المتميزة بالحكمة سيجعل من الأفضل أن يتولي رئاسة مصر في الفترة المقبلة قاض وهناك قضاة كثيرون يستحقون هذا المنصب لن أذكر أسماءهم الآن الي ان يفتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية !. لا يعجبني : عدم اعتماد الاعلامي يسري فودة الذي نجح في سرقة الكاميرا من الكثيرين علي فريق الاعداد العامل معه خصوصا فيما يتعلق باختيار الضيوف . اذ يبدو- وبعض الظن إثم- أن فودة يعتمد علي علاقاته الشخصية وهي بكل الأسف ليست كثيرة لغيابه طويلا عن مصر ومن هنا يبدو هناك ما يشبه التطابق في توجهات الضيوف "المعرفة " بشكل يجعل الحيادية في بعض الأحايين تغيب عن حواراته ومناقشاته ويجعل هناك تكرار للضيوف من أصدقاء يسري بشكل قد يؤدي بالبرنامج الناجح "آخر كلام " الي التحول الي ما هو أقرب الي حوار علي مائدة بعينها في نادي العاصمة بجاردن سيتي ! . يعجبني : العودة "الحثيثة " لرجال الشرطة الي الشوارع وبخاصة في اللجان الليلية للمرور التي تمنح المواطنين شعور الثقة والأمان . ولعل ما تلا ذلك من الاعلان عن الغاء حظر التجول اعتبار من بعد غد الأربعاء بمشيئة الله جاء بمثابة تأكيد علي قرب استعادة الهدوء والعودة الي الحياة الطبيعية في الشارع المصري في الطريق نحو الاستقرار المأمول . " قولوا آمين " اللهم احفظ مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان .