أكثر من أربعة شهور والحرب لا تتوقف بين »الشاويش« المتقاعد عبدالله صالح، والغالبية العظمي من الشعب اليمني. فلا »الشاويش« يقبل التنحي ولا الشعب اليمني ييأس من إسقاطه والتخلص من نظامه. أعداد كبيرة يصعب تحديدها من قتلي وجرحي تلك الحرب البشعة، ورغم ذلك يزداد الديكتاتور التصاقا بمقعده، ويتابع تنفيذ أوامره بقمع اليمنيين وترويعهم وتصفيتهم في واحدة من أفظع حروب إبادة الشعوب التي دخلت تاريخ البشرية من أسفل صفحاته. يبدو أن الفرج أصبح قريباً. فبعد اضطرار الشاويش إلي ترك صنعاء إلي الرياض لتلقي العلاج من جروحه وكسوره التي أصيب بها في الانفجار الذي استهدف قصره، تعالت صيحات الفرح والسعادة في اليمن، تهلل ل »خلاص.. سقط النظام«، و»اليوم.. يمن جديد«، »صالح خرج ولن يعود«. وأجمل ما قرأته عن سخط، وغضب، وكراهية اليمنيين للنظام الفاسد الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة. كتبه كاتب يمني تحت عنوان: »أنا يمني«.. جاء فيه: - (في وضح النهار يكسو الخرص أجهزتي الكهربائية، وفي الليل أغرق ومدينتي في ظلام قلما بالكهرباء ينجلي.. أنا يمني. أتقاضي راتبي الشهري أول الشهر.. نصف الشهر وربما آخر الشهر، لأسدد دين كل الشهر والذي هو أضعاف راتبي.. أنا يمني. أقدم إلي الدنيا بعد جلسة قات. وأتقاسم عمري مع ربطة القات. أوقع معاملاتي بربطة قات. وأزف عريساً وفي فمي قات، والقات أيضا يكون في مأتمي.. أنا يمني. بكائي غناء.. وضحكي حداء. وأصنع من الماء والنار دواء وداء وأروي علي الصخر والصلب قصة منشأي. ففي ذي قمرية وتلك جنابي، وذاك عقيق ومعمار حضرمي.. ولكن إذا خُضت غمار التسابق الدولي هُمشت عمداً.. أنا يمني. قالها الأولون: »يارب باعد بين أسفارنا« ومازلت من حينها بالغربة أكتوي، ومازلت ألهث خلف الرغيف، وخلف التحقق لذات، وخلف مستقبل ضنَّه عليا خفافيش الظلام في موطني.. أنا يمني. أولد في بيت لعشرين نفساً، فإن كنت بنتا عاودوا الكرَّة وإن كنت ولدا تعالت الأصوات به تحتفي.. أنا يمني. ويضمأ يومي وشهري وعامي لأروي به مزارع قاتي، أزج ببنتي في سن صغيرة لزوج كبير لأدفن عاري، وأحيا تفاصيل نحسي وسعدي ببندقيتي.. وباسم القبيلة، وباسم العشيرة، أظل أعيش علي نار ثأري.. أنا يمني. أبيع أرضي وغنمي وداري لأجل المدينة، وهناك أبيع بقايا حياتي لرشوة هذا وذل لذاك، لأحمي حياتي.. فتصفعني فلول الفساد، وتنطحني تروس الظلام، ولا أجد بداً من فتح أجنحتي.. أنا يمني. أذوق الأمرين في موطني، وأذوق ثلاثا في غربتي.. فصرت أسيراً لحلم كبير عظيم بحجم أمتي، أن أزيل الظلام بإشعال دمي.. وأن أبني بلادي علي أشلاء عظمي.. وأن أسحق الظلم بسلميتي.. أنا يمني. فمهما همشوا من ثورتي، وقالوا عنها هراء أزمتي، وصكوا الوجوه عني في صرة.. سيبقي السلام شرعي وديني ونهجي وزادي في ثورتي، وأبقي أنا الفذ وحدي أناضل ووحدي أغامر لأبعث في الغد دولتي.. أنا يمني).