داخل منازل الشهداء تجد الذكريات تعطر الأركان وقسوة الفراق تسكن القلوب والحزن يملأ العيون. لكن قوة الإيمان بالله وبقضائه وقدره طغت علي أسر هؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لوطنهم وكيف لا وهم من قدموا فلذات أكبادهم قربانا من أجل العرض والأرض فباتت السكينة تتنزل علي قلوبهم وأصبحت كلمات الفخر الخارج من الأفواه تبث الثقة في النفوس والقلوب علي قدرة المصريين علي دحر الإرهاب وخفافيش الظلام وتؤكد أن قصص تضحيات أبنائهم ستظل باقية في العقول والوجدان وتكون نبراسا للسائرين علي درب البطولة والفداء ينير لهم الطريق. داخل منزل الشهيد حسام أيمن التابعي بمدينة السرو في محافظة دمياط يقول والده نجلي حسام هو الابن الاكبر وله شقيقان محمد ويوسف كان سندي في الحياة يعمل استورجي بإحدي ورش النجارة حتي قبل حصوله علي دبلوم المدارس الفنية الصناعية لمساعدتي في رعاية الأسرة حتي جاء عليه الدور في التجنيد والتحق بمركز التدريب بمحافظة الإسكندرية وبعد الانتهاء من ذلك تم توزيعه علي سلاح الدفاع الجوي ومنه علي الكتيبة 549 العاملة بالعريش وفي كل إجازة يحصل عليها كانت تبدو عليه علامات السعادة بالانخراط في صفوف القوات المسلحة يتباهي أمام أصحابه بالحياة العسكرية متحمسا إلي أبعد الحدود للتضحية بنفسه من أجل بلده يردد دائما افديها بدمي وفي آخر اجازة له وقبل استشهاده ب13 يوما دخلت عليه غرفته فوجدته يستمع إلي أغنية »سلم علي الشهدا» فقلت له ماذا تفعل يا حسام فقال انزل الاغنية علي الكمبيوتر عشان لما استشهد تبقي تشغلها واستطرد الوالد أيمن التابعي الحديث ودموعه تتساقط علي وجهه: تظاهرت أمامه بالتماسك واخبرته أن كل واحد هيأخذ نصيبه وهو مؤمن ومقتنع فقال فلذة كبدي: الموت علينا حق والشهادة في سبيل الله الجميع يتمناها وكان تصرفه في هذه الاجازة يؤكد ذلك حيث زار جميع اقاربنا والتقي باصدقائه وكأنه يودعهم وفعلا سافر إلي وحدته ولم تنقطع اتصالاته للاطمئنان علينا وعلي والدته وفي اخر اتصال له كان أحد أيام الخميس سألته ايه الاخبار قال الحمد لله الامور طبيعية وانا نازل دلوقتي خدمة وبعد ذلك بساعتين تلقيت اتصالا من قائد الكتيبة بأن حسام استشهد ووقع الخبر علي رأسي كالصاعقة لكن تمالكت نفسي وظللت أرد - لا إله إلا الله- ورضيت بقضاء الله وحمدته علي اختياره ضمن الشهداء الأبرار الذين ضحوا بحياتهم وأرواحهم من أجل وطنهم وطلب قائد الكتيبة الاستعداد لتشييع جثمان نجلي الشهيد عقب صلاة الجمعة وفي هذا اليوم حضر الجثمان ملفوفا بعلم مصر محمولا علي اعناق جنود وقادة القوات المسلحة إلي المدينة وبمشاركة الآلاف من الأهالي تم تشييع الجثمان إلي مثواه الأخير وعقب ذلك ابلغني أحد زملاء حسام انه استشهد برصاصة غدر في رقبته من أحد الإرهابيين الذين لا دين لهم ولا ملة واكد والد الشهيد ان ابنه لن يكون الاول أو الأخير في درب الشهداء من أجل أن تعيش مصر في أمن وأمان واستقرار فالكل علي اهبة الاستعداد للدفاع عنها بالروح والدم وان الارهابيين الكفرة مهما كانت قوتهم ودعمهم من الدول والتنظيمات الكارهة لن يقدروا علي زعزعة الامن والاستقرار الذي نعيشه. وتحدثت نهاد نبيل والدة الشهيد قالت من أول ما حسام تم قبوله في التجنيد وهو في مركز التدريب وأنا حاسة انه هيحصل حاجة ودائما اشعر بالقلق وبحسب الايام وكل اجازة يجيء فيها أقول الحمد لله الا آخر اجازة من أول يوم نزل كل تصرفاته تؤكد انه هيستشهد زار كل اقاربه وزملائه وكأنه بيودعهم وكنت قاعدة بتفرج علي برنامج مستضيف أمهات شهداء وشغل اغنية سلم علي الشهدا وقال انتي بتتفرجي عليهم بكرة تقعدي معاهم حاضر هسلم علي الشهدا اللي هناك قلت له بتقول كده ليه قال حاسس اني هستشهد هو حد يطول يموت شهيد واستمر احساسه وانا بجهز حاجته قبل ما يسافر وبعد سفره كان بيتصل لطمئن عليا عارف اني تعبانة وكان بيكلمني انا ووالده قبل استشهاده بدقائق وقال لما اخلص الخدمة هلمكم تاني وبعدها بساعات وصلنا الخبر ومن وقتها وانا واحدة ثانية لانه حتة من قلبي راحت مني لكن حسام وضعنا في منزلة عالية في الدنيا وان شاء الله نلحق به في الجنة حسام ربنا اختاره يكون من اصحاب الحظ العظيم في الاخرة لكن الفراق صعب لانه كان فرحة عمري حسام كان اول فرحة لي ولوالده لكنه زف للجنة وابني مماتش والبركة في زملائه كلهم ولادي ومازالوا علي اتصال بي للاطمئنان وبدعي لهم ليل ونهار ربنا ينصرهم علشان مفيش قلب أم يتحرق تاني وان شاء مصر هتنتصر علي الارهاب والجيش والشرطة هيبجوا حق حسام وزملائه.