في يوليو 25 قاد الضباط الاحرار ثورة يوليو.. فخرجت الثورة من رحم الجيش المصري.. والتف الشعب حولها مؤازرا ومؤيدا.. بينما في يناير 1102 قاد الشعب الثورة وحماها الجيش وايدها.. وسعي لتحقيق مطالبها ضد نظام عاني من الشيخوخة والغباء السياسي. الفرق بين الثورتين ان ثورة يوليو التحرك الرئيسي لها كان في يد الجيش.. وانتظر الشعب نجاحها .. ثم التف حولها فتحقق النجاح لمطالب ثوار الجيش.. ثم تولي قياداتها مقاليد الحكم في البلاد.. بينما في ثورة يناير .. خرج الشعب.. منددا بسلطة شاخت في مواقعها.. وساعيا لاسقاط ظلم استشري في جميع مواقع الدولة.. وفاضحا لفساد اصبح هو السمة الاساسية للحياة في مصر.. فلم يقف الجيش موقف المتفرج من الثورة.. ولكنه انحاز اليها.. وايد مطالبها .. فلم يقمع احدا وهو يملك القوة والسيطرة والقدرة علي ذلك.. ورفض بكبرياء الحق الانحياز إلي سلطة هي بالفعل كانت تحكم وتتحكم.. ولم يقع قياداته في خطيئة محاولات سلطة غنوا لقوتها وتجبرها لاستمالتهم.. ورفضوا وتوحدوا ضد هدف واحد هو ضمان تحقيق مطالب الشعب ونحوا جانبا أمورا كثيرة كانت قيادات الوطن في ذلك الوقت تعتقد انها ستكون عاملا مرجحا لانحياز الجيش لهم. فلم يخطيء الشعب حينما هتف في ميدان التحرير »واحد.. اتنين.. الجيش والشعب أيد واحدة لانه كان يستنجد بمن هم قادرون علي حمايته ولم يشك احد كان متواجدا في الميدان أو خارجه ان الجيش سيرد ندائهم بل كانوا جميعا ومعهم كافة المصريين علي يقين ان الجيش سيلبي النداء وسيكون سندهم في تحقيق مطالب الثوار وهو ما تحقق بالفعل فيما بعد. لكن الملاحظة التي ارصدها في الفارق بين موقف الجيش في يوليو وموقفه في يناير.. ان الجيش في ثورة يوليو تولي مقاليد الحكم.. وكان سعيه من البداية لتحقيق ذلك.. انقاذا لوطن عاني من فساد وظلم واستبداد.. بينما في ثورة يناير كان الجيش منذ اللحظة الاولي حاميا للثورة.. غير طالب للسلطة أو راغب فيها.. زاهدا في المناصب.. ولكنه في ذات الوقت منحازا لمطالب شعب هو منهم وهم منه.. فلم يخيب رجاءهم.. قرر تحمل المسئولية واعادة ترتيب الامور وان تكون السلطة للشعب والحكم له. فاذا كان الجيش المصري قد حقق في حرب اكتوبر اعظم الانتصارات الحربية في التاريخ المعاصر.. بجهد ابنائه وخطط قواته.. ومؤازرة شعبه.. فان التاريخ سيسجل للجيش المصري انه حمي ثورة مصر البيضاء.. وابي ان يقفز علي السلطة.. في وقت كان يستطيع فيه ذلك.. وانما ترك للشعب حرية الاختيار.. وفتح الباب لجميع القوي السياسية ان تشارك في رسم سياسة الدولة دون تدخل أو منع أو حجب لقوي سياسية فقد اتاح الفرصة للجميع والشعب هو صاحب الاختيار. نحن الان امام فرصة تاريخية.. شباب قاد ثورة وقوة نحترمها ونجلها تحميهم.. وتيارات سياسية كثيرة في الشارع المصري تتصارع بحرية نحو السلطة.. وعلينا ان نختار ونشارك جميعا في بناء مستقبل مصر السياسي.. وننفض عن كاهلنا السلبية التي عشناها طوال الاعوام السابقة.. فالمستقبل للشعب ولن يتحكم فيه احد بعد يناير.. حتي ولو كان رئيسا للجمهورية.