أكد د. سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا السابق أن شهر الصيام تذكير بمنهج رسالة الإسلام خاتمة الرسالات السماوية، والتي جاءت لتبين أن الغاية من بعث الرسل وحدانية الله (عز وجل) وتزكية النفس وتطهير البدن وتصفية القلب، مشيرا إلي أن المنهج الإسلامي احتوي المناهج السماوية السابقة وصدق علي ما فيها من السمو بالنفس ومكارم الأخلاق، لأن الهدف الارتقاء بالنفس والروح، فالصوم شرع لتهذيب النفس وتربيتها علي السلوك القويم والصراط المستقيم، حتي يقوي الإنسان علي نفسه وشيطانه وعلي أداء مهمته في الحياة، ولن يُتم مهمته إلا إذا ملك إرادته، وحينما يمسك عن الطعام والشراب يتحكم في زمام نفسه، كما يزيد في الأجر ويرفع الوزر ويغفر الذنب، ففيه إذعان وخضوع لله، فإذا ارتقي الإنسان بلغ بصومه درجة السمو الروحي والصفاء القلبي وساعتها يستطيع التحكم في حواسه ويكون مع الله بجميع جوارحه، فتطهر جوارحه من الكذب والزور، والنبي (صلي الله عليه وسلم) نبه إلي هذا فقال: »من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». جاء ذلك خلال كلمته التي القاها بالملتقي الفكري الإسلامي الذي تنظمه وزارة الأوقاف يوميا بساحة مسجد الحسين تحت عنوان: »الصوم بين المراقبة وتزكية النفس» بحضور الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف ولفيف من شباب الدعاة بالوزارة، وجمع غفير من المواطنين. وأضاف قزامل أن لب الرسالة في هدفها الأسمي تحقيق الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها وهي : عبادة الله، مضيفا أن من أهدافها أيضا رفع الحرج ونفي المشقة، وأن شرائع الإسلام دليل علي يسره ووسطيته، مستشهدا بقول الله: ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». ومن جانبه أكد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف أن مراقبة الله تعالي من أهم القيم السامية والأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فهي طريق الإخلاص الذي هو أساس قبول العمل عند الله (عز وجل)، والحق سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، مشيرًا إلي أن الله (عز وجل) حثنا علي مراقبته في كل أحوالنا وتصرفاتنا، فقال سبحانه : »أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَي ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَي مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»، وقال تعالي: »إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا». أشار طايع إلي أن شهر رمضان مدرسة تهذب السلوك وتسمو بالأخلاق إلي أحسنها، فالصيام يربي النفس علي مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، حيث يغرس في نفس الصائم الصبر علي طاعة الله سبحانه، ويعلمه قوة الإرادة، وضبط النفس. وأكد أننا جميعا ونحن في شهر الصوم يجب أن نستشعر مراقبة الله تعالي في السر والعلن، فلا ينتظر أحدنا رقابة البشر، بل يراقب كل منا ربه فيما ولاه عليه، لتحيا قلوبنا، وتستيقظ أرواحنا، وتستقيم حياتنا، فتنهض الأمة وترتقي، فإن سعادة المجتمع وتقدمه مرهونة بيقظة ضمائر أبنائه ومراقبتهم لله (عز وجل). وفي ختام كلمته قال طايع إنه إذا مات الضمير وانعدمت المراقبة لله (عز وجل) نتج عن ذلك فساد في الأخلاق والمعاملات، فما الذي يمنع الموظف أن يرتشي ؟! والكاتب أن يُزَور ؟! والطبيب أن يهمل في علاج مريضه ؟! والمعلم أن يقصر في واجبه ؟! والتاجر أن يغش ويحتكر في تجارته ؟! وهكذا في كثير من جوانب الحياة، لذا وجب علينا جميعًا أن نراقب الله تعالي، ولنحذر أن نكون أجسادًا بلا ضمائر حية متصلة بالحق والخير والمعروف، حتي تتنزل علينا رحمة الله تعالي ومغفرته في هذا الشهر الكريم.