العمل لا يرتبط بسن معينة لكنه يرتبط بالجهد والعطاء والعزيمة والاصرار والكفاح من اجل لقمة العيش. داخل منطقة الطابية بمدينة عزبة البرج تقع العديد من ورش صناعة السفن ومراكب الصيد تلك الصنعة التي تميزت بها المدينة نظرا لطبيعتها الساحلية ويعمل بها مئات العمال بمختلف الاعمار في العديد من التخصصات المختلفة. يقول عم علي عرفة الشهير ب»سمير» انه من مواليد 1945 ويبلغ من العمر 72 عاما ومنذ صغره وهو يتعلق بمهنة النجارة في صناعة السفن حيث كان يذهب برفقة والده الي الورشة التي يعمل بها ويظل يتجول بها يتابع الصناع وهم يقومون بصناعة السفن واعجب بها ومع سن العاشرة لم يعد يرغب في الذهاب للمدرسة ويريد ان يخرج للعمل فترك التعليم قبل استكمال المرحلة الابتدائية اي منذ 62 عاما وبدأ يذهب مع والده للعمل كمتدرب يتعلم اصول المهنة ويعرف اسم الادوات وكان يحصل علي مصروف يومي تعريفة وفي سن ال15 اتقن اصول المهنة وحصل علي ثقة صاحب الورشة وبدأ يحصل علي نصف يومية وبلغت جنيها واحدا وفي سن 18 اصبح عامل يومية وكان يتقاضي 3 جنيهات فبدأ البحث عن شريكة للحياة وتزوج ورزقه الله ثلاث بنات وولدا ومع مرور الوقت زادت يوميته حتي اصبحت 7 جنيهات وظلت اليومية تتزايد وكان ينفق منها علي المنزل ويوفر نفقات اولاده في المدارس ومرت الايام واتمت بناته الثلاث التعليم العالي وبدأ رحلة جديدة من الكفاح لتجهيزهن وتزويجهن فالعمل عنده عبادة فمازال يخرج للعمل ليوفر نفقات منزله. واسترجع عم سمير ذكريات الماضي فقال: زمان كان العمل يدويا بداية من صناعة بدن المركب ثم الترابل ثم الوسطنية ثم الضلوع وكان ذلك يحتاج لوقت ومجهود كبير لذلك اكتسب العامل مهارة فائقة في المهنة فالعامل يستطيع ان ينفذ كل كبيرة وصغيرة بيده باستخدام المعدات البدائية مثل البريمة والربوب والموشلة وكانت صناعة المركب تأخذ وقتا كبيرا يصل إلي سنة اما الآن فظهرت الآلات الحديثة ومعها انخفضت فنيات ومهارة العامل لان 50 % من الصنعة تعتمد علي الالات ويتم تصنيع المركب حاليا في فترة تتراوح من 4 الي 6 اشهر. مضيفا: المميز الان ان الاجيال تكمل بعضها فالاجيال القديمة تمنح الخبرة والارشاد للاجيال الجديدة. ويذكر انه اول مركب قام بتصنيعها كانت تكلفتها 35 جنيها مضيفا ان لم يفكر يوما في صناعة مركب خاصة به لان دخله كان يكفي مصاريف المنزل بالكاد .وطلب عم سمير من الشباب الا ينتظر الوظيفة الميري ويلتحقوا بقطار العمل الحر الذي اصبحت ابوابه مفتوحة امامهم وبمرتبات تغنيهم عن مذلة السؤال والعوز.