سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر تحسم قمة «الإحراج» باسطنبول لصالحها في أول مواجهة رسمية مع النظام التركي وزير الخارجية من المطار لمقر المؤتمر الإسلامي وبالعكس.. ويتجاهل مصافحة أردوغان عقب تسليمه الرئاسة
في رسالة رسمية شديدة اللهجة.. أكدت مصر علي موقفها النهائي تجاه النظام التركي الحالي خلال القمة الاسلامية التي انطلقت امس بمدينة اسطنبول التركية، حيث ألقي كلمة مصر فيها وزير الخارجية سامح شكري نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي كان من الطبيعي ان يلقيها بنفسه باعتباره رئيس الدورة الثانية عشرة المنتهية للقمة.. وتسليم رئاسة الدورة الجديدة الثالثة عشرة لتركيا..ولم تكتف مصر بخفض مستوي التمثيل الطبيعي في مثل هذه الحالات من الرئاسي الي الوزاري.. ولكنها ايضا لم تعلن رسميا عن رئيس الوفد الذي سيمثلها سوي قبل ساعات قليلة من بدء أعمالها، ولم يصل سامح شكري الي اسطنبول سوي صباح امس وقبيل انطلاق فعاليات القمة بساعات قليلة.. حيث توجه فور الوصول إلي قاعة المؤتمر، وترأس الجلسة الافتتاحية التي ألقي خلالها كلمة الرئيس، وعقب ذلك أعلن وزير الخارجية عن انتقال رئاسة الدورة الثالثة عشرة لقمة منظمة التعاون الإسلامي إلي تركيا وغادر مباشرة منصة الرئاسة وقاعة المؤتمر فورا عائداً إلي القاهرة.. وبذلك قطع شكري الطريق علي أية تكهنات او تأويلات سواء من الجانب التركي او غيره حول المشاركة المصرية.. او وجود وساطات عربية للمصالحة بين مصر وتركيا. تجاهل أردوغان وبالطبع لم يذكر بيان الخارجية الذي أصدرته أمس علي لسان متحدثها الرسمي تفاصيل اخري كانت رسائلها أشد وضوحا.. مثل تجاهل سامح شكري مصافحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تسليمه رئاسة مؤتمر قمة التعاون الإسلامي كما هو معهود في مثل هذه المؤتمرات بروتوكوليا، كما لم تتضمن كلمة الرئيس السيسي التي ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية أي عبارة تتعلق بالرئاسة القادمة للقمة الإسلامية حيث من المتبع أن تبدي الدول أمنياتها للرئاسة القادمة بالتوفيق أو تطلعها لأن تحقق أهدافاً ترضي الدول الأعضاء. وفور انتهاء سامح شكري من إلقاء كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي غادر فوراً عائدا إلي القاهرة وقبل أن يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلقاء كلمته، حيث استلم السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية رئاسة وفد مصر، لينخفض بذلك مستوي تمثيل مصر بالقمة إلي ما دون الوزاري خلال كلمة أردوغان. وحول أهم ما تضمنته كلمة الرئيس السيسي أمام المؤتمر، أوضح المتحدث باسم الخارجية، أنها تضمنت استعراضاً للجهود التي قامت بها مصر إبان فترة رئاستها للدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية، وتحليلاً متعمقاً للتحديات التي تواجه النظام الدولي حالياً، لاسيما العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها تحدي الإرهاب ومحاولات إلصاقه بالدين الإسلامي، والأزمات الطاحنة التي تواجه العديد من الدول الإسلامية والتي يذهب ضحيتها الآلاف من المسلمين في دول مثل سوريا وليبيا واليمن والصومال وأفغانستان وجنوبالفلبينومالي وجامو وكشمير وميانمار وغيرها. كما أكد الرئيس السيسي في كلمته أمام القمة علي ضرورة تعزيز العمل المشترك بين الدول الإسلامية لتمكينها من مواجهة التحديات المختلفة، والوقوف أمام المخططات الخبيثة التي تستهدف تأجيج الصراعات ونشر الآفات في الجسد الإسلامي، وبما يؤهل بإعادة الأمل لدي الشعوب الإسلامية. كلمة الرئيس السيسي ووجه الرئيس في بداية الكلمة التي ألقاها نيابة عنه شكري.. التحية إلي الدكتور إياد أمين مدني الأمين العام للمنظمة، وقال أود في البداية أن أعرب عن تقديرنا الكبير لمنظمة التعاون الإسلامي، تلك المنظمة العريقة التي تلعب دوراً هاماً وبناءً لدعم قضايا الأمة الإسلامية، كما أحيي جهود أمينها العام في الدفاع عن مصالح الدول الإسلامية، والتجمعات المسلمة في مختلف الدول، والنهوض بالعمل الإسلامي المشترك في شتي الأصعدة. وتؤكد مصر «أرض الكنانة» اعتزازها برئاستها للدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية، التي بذلت خلالها الجهود المستطاعة .. وأضاف ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولي إنه بات مُختلاً،لاسيما في عالمنا العربي والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التي يروح ضحيتها الآلاف قائمة في النطاق الجغرافي لدولنا، كما أن الكثير من متطرفي وإرهابيي عصرنا هذا ينتمون مع الآسف إلي جنسيات دولنا أو لهم أصول فيها، وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المُتسامحة الداعية إلي السلام حتي عند مجرد إلقاء تحية «السلام عليكم»... ولمعالجة ذلك الوضع المعتل، علينا أن نتعرف علي أسبابه، فما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب، ليس وليد اللحظة، وليس كذلك نتيجة تفاعلات محلية وإقليمية فحسب. ولاشك أن الحروب والاضطرابات في سوريا وليبيا واليمن أو حتي العراق هي نتاج مشكلات علي مستويات، داخلية وإقليمية ودولية، وقد شهد عقد التسعينيات وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بزوغ نظريات عديدة اعتمدت منطق انتصار المعسكر الغربي ونموذج الحكم فيه، كما تعجلت بعض القوي الدولية التحرك لفرض ذلك النموذج علي الآخرين دون مراعاة لخصوصياتها بل بما وصل إلي هدمها لإعادة بنائها. وقد شهدنا كيف كان لذلك أثر مُدمر علي تماسك مفهوم الدولة في منطقتنا نتيجة السياسة المُتبعة في احتلال العراق علي سبيل المثال، وحل مؤسساته وجيشه الذي بات بعض كوادره اليوم يشكلون العمود الفقري لقدرات تنظيم داعش العسكرية. التدخل في الشأن العربي أما علي المستوي الثاني، وهو الإقليمي، فقد أتاحت سيولة النظام الدولي بعد عام 1990 مجالاً أوسع لبعض القوي المتوسطة في ساحتها الإقليمية، للتدخل في الشأن العربي، وهو ما نراه بوضوح علي سبيل المثال في الأزمة بسوريا، والتي يدفع أطفالها ونساؤها اليوم قبل رجالها ثمن صراعٍ يجري علي أراضيها في غياب هذا التوازن الرادع الذي يجعل محاولات سيطرة طرف علي جيرانه، أو التدخل في شؤونه باستخدام الانتماءات الطائفية، أمراً مُكلفاً لا يتم الإقدام عليه. ومع ذلك، فقد لاحت في الأفق خلال الشهور الأخيرة مؤشرات علي إدراك مُتجدد بأن استمرار اتساع الصراعات وتجذرها ستكون له تداعيات خطيرة، تكاد تُمثل تهديداً للجنس البشري، مع احتمالات خروج أشد أنواع التطرف والإرهاب من رحمها. ومن ثم، فإن إرادة الحل السياسي المشترك التي أبدتها الولاياتالمتحدة وروسيا معاً، وما بدأنا نلمسه من تعاون فيما بينهما باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية، والتحسن النسبي علي الأرض، من حيث وقف العدائيات، هو دليل عملي علي أن استعادة قدر من التوازن علي الساحة الدولية قد بات ضرورة مُلحة. ونأمل أن ينسحب ذلك علي الساحة الإقليمية، فتتراجع القوي الساعية إلي هيمنة قائمة علي تدمير الآخر عن خططها، حتي يمكن ردالاعتبار لمنطق الدولة الوطنية، ومؤسساتها، علي النحو الذي يُعيد الاستقرار لدول المنطقة العربية والإسلامية، وبما يُحقق مصالح جميع شعوب المنطقة التي ستُعاني دون شك من فوضي ربما تكون ساهمت في إنشائها. فالنظام الإقليمي عليه أن يقوم علي مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعلي المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة بشكل عام.. ويجب ألا ننسي، في هذا السياق التوترات والصراعات الناتجة عن تفاعلات علي المستوي الثالث، أي الداخلي، فاستعادة توازن مفقود دولياً وإقليمياً لن يكون كافياً لتسوية مشكلاتنا، فالمطلوب تحقيق الاستقرار الداخلي في دولنا، وهو ما يفرض علي حكوماتنا بناء مجتمع سليم، قادر علي مواكبة العصر، وتحقيق النمو عبر توزيع عادل للثروة، وإدارة رشيدة للحكم.والوقوف أمام أية مخططات خبيثة تسعي لتأجيج الصراعات، ونشر الآفات في الجسد الإسلامي، وبما يؤدي إلي إعادة الأمل لدي شعوبنا، وإلي تعزيز إرادة التعاون المشترك فيما بينها. القضية الفلسطينية وأضاف مازالت القضية الفلسطينية، والتي كانت المحرك الأساسي لإنشاء منظمتنا هذه، دون حل، وقد حرصت مصر في إطار عضويتها بفريق الاتصال المعني بالقدس علي تفعيل خطة التحرك التي تم التوافق بشأنها في إطار المنظمة، حيث قام الفريق الذي تترأسه مصر بعدد من الزيارات للدول المعنية لعرض مختلف أوجه القضية الفلسطينية علي المسؤولين المعنيين، وسيتم في القريب العاجل ترتيب زيارات أخري لذات الغرض، ونأمل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته نحو إقامة دولةفلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية .. كما نعيد التأكيد علي حرص مصر البالغ علي مستقبل ليبيا الشقيقة، ونأمل في سرعة تجاوز هذا البلد للأزمة الراهنة، سعياً لتنفيذ الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية. ونرحب في هذا السياق باستقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وفيما يتعلق بالأزمة السورية المأساوية، والتي دخلت بكل أسف عامها السادس، فتؤكد مصر ضرورة التوصل عاجلاً إلي حل سياسي يحقق طموحات الشعب السوري بالتغيير ويسمح بمواجهة الإرهاب والحفاظ علي وحدة الأراضي السورية، ونأمل أن يتم التوصل إلي نتائج إيجابية بالفعل خلال المحادثات التي استؤنفت أمس في جنيف. كما أود أن أنتهز هذه الفرصة لأشيد بالجهود الكبيرة التي بذلتها منظمة التعاون الإسلامي خلال الشهور الماضية سعياً نحو إيجاد الحلول المطلوبة للعديد من الملفات والتي تهتم بها المنظمة، مثل الملف الأفغاني، والملف الصومالي، وملف جنوبالفلبين، والوضع في أفريقيا الوسطي، والوضع في ميانمار، وفي مالي، وفي جامو وكشمير، وأؤكد أن مصر ستكون دوماً علي استعداد لتقديم أية مساهمات أو جهود مطلوبة من شأنها التخفيف من حدة الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي أو الأقليات المسلمة في شتي بقاع الأرض.