الكلمة كالرصاص والبارود، تقتل وتحرق، وكالدواء والترياق تشفي وتفيد، كالنار والنور، يمكن أن تدمر كل شيء وتحوله إلي رماد، ويمكن أن تضيء لك الطريق إلي نور الإيمان وسعادة الأوطان. الكلمة تحيي وتميت، فكم من إنسان وبخه رئيسه أو عاتبه أبوه سقط في المرض والموت لأنه لم يتحمل ذلك التوبيخ والمعاتبة، وآخر شجعه رئيسه وهنأه أبوه فعاش سعيدا يرفل في الغبطة والفرح، ويعمل ويجد حتي يحقق المستحيل ويكتشف مواهبه واستعداده ويبرز في مجاله. الكلمة الطيبة صدقة فالله عز وجل يكافئك ويجزيك خيرا علي تشجيعك للناس ومساعدتهم، والأخذ بيدهم إلي الحياة المناسبة الهانئة الفرحة. الكلمة هي الانسانية، فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يتكلم بفضل الهدية الثمينة التي أهداها الله له وهي : العقل، فهو الذي جعل الإنسان يتكلم ويتفاهم مع الآخرين. ولأن الإنسان يتمتع بالعقل فإنه من المهم جدا أن يعرف ماذا يقول؟ ويفكر كثيرا قبل نطق أي كلمة، فقد توهب كلمته السعادة للآخرين، وقد تجلب عليهم التعاسة والاحباط، بل قد تشجع بعضهم علي الانتحار!. وخطورة الكلمة أكثر عندما تخرج من فم الأب أو الام، أو رئيس العمل، أو الوزير أو رئيس الجمهورية، أو الملك أو الامبراطور، لذلك فان الرؤساء والملوك يكتبون دائما خطاباتهم قبل إلقائها حتي يمكنهم تجنب الاخطاء والخطايا. نسمع دائما عن رجل دين تحدث فزرع الحب والاخاء بين مستمعيه ومريديه فخرجوا يقدمون الحب والمساعدة للآخرين وعاشوا في نعيم، وعلي العكس من يتحدث وينشر الحقد والكراهية بين الناس، فتتقاتل وتنتهي حياة الملايين ظلما وعدوانا، ودون سبب واضح أو مهم.. الكلمة تنشر السلام والوئام، ويمكن ان تنشر الكراهية والحقد والقتال. لقد خلقنا الله حتي نعمر الأرض ونبنيها وننشر فيها الخير والسعادة، ولذلك خلق لنا الجنة بعد ذلك لكي نستمتع بها، ولكننا تركنا الجنة، فمن الأولي أن نهتم بالعالم وحياتنا حتي لانخسر الاثنين!. نقول في المثل الشعبي : «لسانك حصانك إن صنته صانك وان خنته خانك».. وهذه حقيقة وحكمة المثل الشعبي فأنت ان توخيت الدقة فيما تقول، وفكرت جليا قبل النطق بأي كلمة في جوهرها ومعناها فانك ستنجح في حياتك، ولا داعي للتعجل والسرعة البغيضة. الحب الحقيقي يحمينا من الكلمات الصعبة المؤذية، فأنت عندما تحب أبناءك أو مرؤوسيك، أو شعبك أو زملاءك، فستخرج كلماتك طيبة من قلبك المحب، فالمحب لايمكن ان يتحدث بكلمات جارحة أو سيئة أو محبطة أو مدمرة، لكنه يتحدث بكلمات السعادة والهناء والغبطة والفرح والسرور والمجاملة التي تحترم الانسان في كل مكان. الإنسان المحب الحقيقي يشعر بأنه عندما يحترم غيره فهو يحترم نفسه، لأن الإنسانية لاتتجزأ ولا تختلف، من هنا قال الحكيم الصيني الكبير كونفشيوس Con Fuciuy في القرن السادس قبل الميلاد : «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك به» فإذا فعلت ذلك ستنجح في حياتك وتصبح انسانا سويا سعيدا رائعا، وستعيش أيضا في مجتمع طيب فاضل يخاف كل ابنائه علي الآخر ويعمل من أجله، وهذه هي السعادة الحقيقية. العملية ليست صعبة، فقط حاول ان تحب الحياة والناس، وحافظ علي أي كلمة تقولها حتي تكون كلمة سعيدة حلوة متفائلة. جرب وستكون السعادة في انتظارك. كاتب المقال: وكيل وزارة الإعلام الأسبق