رحب الخبراء ورجال الأعمال بالجولة الخارجية التي يقوم بها الرئيس السيسي للصين وأندونيسياوسنغافورة، وأكدوا أن اختيار هذه الدول تم بعناية، مشيرين إلي المكاسب المتوقعة من طرق أبواب النمور الاقتصادية في آسيا وخاصة سنغافورة التي نجحت رغم صغر مساحتها التي لا تتجاوز 7٪ من مساحة مصر، في أن تكون رابع مركز اقتصادي في العالم، ووصف الخبراء الجولة الخارجية للرئيس بأنها محاولة للسباق مع الزمن من أجل تحقيق نقلة نوعية كبيرة للاقتصاد المصري. يري د. مصطفي السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، أن الجولة تتم في إطار تنوع وتعدد العلاقات المصرية الخارجية، وعدم الارتباط بدولة معينة، مشيرا إلي أن مصر في عهد الرئيس السيسي تنفتح علي كل القوي العالمية وستحاول الاستفادة من كل التجارب الناجحة في مختلف قارات العالم، ووصف زيارة الرئيس لسنغافورة علي وجه التحديد بأنها خطوة جديدة في الإنطلاق نحو «النمور» الجدد في الاقتصاد العالمي، وأوضح أن دول جنوب شرق آسيا مثل الهند وماليزيا وسنغافورة وتايلاند أصبحت الآن أهم مقصد اقتصادي عالمي، ونقطة الانطلاق أمام كل القوي الصاعدة، حيث يمكن الاستفادة منها لدراسة كيفية تحولها من دول نامية إلي دولة صاعدة اقتصاديا وبقوة، حتي إن كثيرا من منتجاتها الآن أصبحت في كثير من الأسواق العالمية، مضيفا أن حرص الرئيس علي التوجه نحو هذه القوي الجديدة يحمل قدرا كبيرا من الحكمة. ومن جانبها وصفت د. عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق أن توقيت الجولة مهم خاصة بعد الانجاز الذي أظهره المصريون للعالم في إتمام حفر وافتتاح قناة السويس الجديدة كما يؤكد أن مصر دخلت مرحلة جديدة في علاقاتها الخارجية والتي تتميز بتعدد التحالفات والشركاء الاقليميين والدوليين، ويؤكد سياسة التوازن في تعاملات مصر مع الدول الأجنبية والتي أعلن الرئيس السيسي عنها في أكثر من موضع. وعن زيارة الرئيس المرتقبة لسنغافورة أشارت المهدي إلي أنها نقلة نوعية في طبيعة العلاقات المصرية الخارجية خاصة أن هذه هي أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلي سنغافورة منذ نشأتها وحتي بعد استقلالها عن المملكة المتحدة في 13 أغسطس 1963. فعلي الرغم من أن مساحة سنغافورة 710 كيلومترات أي ما يوازي 7٪ من مساحة مصر، إلا أنها رابع أكبر مركز اقتصادي في العالم ويمر بها حجم كبير جدا من التجارة الدولية، ويبلغ الناتج القومي الاجمالي لها 259 مليار دولار وهو يقترب كثيرا من حجم الناتج المحلي الاجمالي المصري الذي يبلغ 278 مليار دولار. وقالت المهدي أن اتجاه السياسة المصرية نحو اسيا يعتبر قراءة جيدة للجغرافيا السياسية للعالم حاليا والتي تحكم وتحدد طبيعة التحالفات الاقتصادية والسياسية لدول العالم، وتمثل زيارة اندونسيا رسالة واضحة للعالم العربي والإسلامي أن مصر تنتهج سياسة وسطية وهو ما يدعو اليه الدين الاسلامي بعيدا عن صور التطرّف الديني، وذلك يؤكد إصرار الرئيس السيسي علي تعديل الخطاب الديني الذي نادي به في أكثر من موضع، حيث إن اندونيسيا من أكبر الدول الاسلامية من حيث عدد السكان. نقلة اقتصادية كما أكد د. فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي السابق، بدوره أن جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية تأتي في توقيت بالغ الأهمية وتؤكد أن الرئيس يسابق الزمن لإحداث نقلة نوعية للاقتصاد المصري نحن في أمس الحاجة إليها، مشيرا إلي أن الزيارة إلي روسيا تكتسب أهمية خاصة علي كافة المستويات السياسية والاقتصادية. وأشار إلي أن زيارة الرئيس إلي دولة إندونيسيا غاية في الأهمية فتعداد سكانها يبلغ تقريبا حوالي 255 مليون نسمة وتعتبر أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا وعضو في مجموعة العشرين، ويقدر انتاجها بنحو تريليون دولار، ما يعني أن التعاون معها والتعرف علي كيفية إدارة اقتصادها وتجاربها وكيفية تلبية احتياجات مواطنيها عن قرب يفيد بلا شك صاحب القرار في نقل أبرز الايجابيات هناك لإحداث نقلة في الاقتصاد المصري باعتبار إندونيسا أحد القوي الاقتصادية الكبري ونموذجا ناهضا وناجحا، خاصة أن نظام حكمها رئاسي. وأكد مستشار صندوق النقد الدولي السابق، أن التعاون مع الصين قديم، خاصة في المنطقة الصناعية في شمال غرب خليج السويس وباعتبارها من أكبر الدول انتاجا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية وقد تعمم عملتها –اليوان- كالدولار والاسترليني واليورو، وبالتالي فالتعاون معها بلاشك له أثره البالغ مستقبلا علي الاستثمار في مصر وخاصة في محور تنمية قناة السويس. أسواق جديدة ويلفت د. وليد هلال، رئيس مجلس إدارة جمعية الصناع المصريين إلي إن الرئيس السيسي سيحاول خلال جولته الخارجية فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية. وقال إنه يمكن الاستفادة من زيارة الرئيس للصين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يمكن لمصر أن تتحول إلي بوابة عبور للمنتجات الصينية نحو السوق الإفريقية بشكل عام، وذلك لأن الصين تحتاج إلي فتح مناطق اقتصادية في كل دول العالم ولن تجد أفضل من مصر للدخول بقوة وبثقل إلي إفريقيا. توازن تجاري فيما قال عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة المهندس خالد أبوالمكارم، إن جولة الرئيس لن تكون سياسية بالدرجة الأولي لكنها اقتصادية بشكل أكبر، فالدول التي سيزورها الرئيس لا تتمتع بعلاقات اقتصادية وتجارية كبيرة مع مصر مثل دول الاتحاد الأوروبي وبالتالي كان من الضروري التوجه نحو قوي اقتصادية جديدة لمحاولة خلق أوجه وأشكال مختلفة من التعاون، خاصة أن عدداً كبيرا من دول أوروبا لم يعد الاستثمار معها كما كان في السابق نتيجة مرورها بحالة من الخمول والهبوط الاقتصادي. مشيرا إلي أن المستقبل يؤكد أن هذه القوي سيكون لها الغلبة في السنوات المقبلة وبالتالي يجب زيادة معدلات الاستثمار ، حيث أن هذه الدول لا تمتلك استثمارات ضخمة في مصر وبالتالي يمكن الاستفادة منها في قطاعات الطاقة والبترول والبتروكيماويات علي وجه التحديد. وأوضح أن الصين ترتبط بعلاقات خاصة مع مصر إلا أن التبادل التجاري بين البلدين يصب في صالحهم بنسبة 400 % علي أقل تقدير. دعم الصادرات أما المهندس عمرو أبو فريخة، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، فيري أن زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية تكتسب أهمية خاصة، لفتح أسواق مهمة جدا أمام الصادرات المصرية في توقيت حرج شهدت خلاله صادراتنا تراجعا ملحوظا. وأوضح «أبو فريخة» أن زيارة الرئيس للصين وسنغافورة تستهدف دعم قطاع الصادرات المصري وزيادة الاستثمارات، وقد نستفيد من ذلك في تحويل مصر ومنطقة قناة السويس إلي مركز لتصدير الصناعات إلي جميع دول العالم خاصة إفريقيا وجميع الدول العربية مع العلم أن مصر لديها اتفاقيات تجارة حرة مع 80% من الأسواق العالمية، ويري المهندس سمير عارف، وكيل المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن مصر تكتسب مكانة عالمية متزايدة بزيارات الرئيس الخارجية ما يدعم مناخ الاستثمار في البلاد ويساعد علي جذب رؤوس الأموال الأجنبية وطمأنة العالم الخارجي موضحا أن مصر تحتاج من الصين دعماً فنياً وأقتصاديا واستثماريا أكثر من التصدير وخاصة في مشروع محور تنمية قناة السويس إضافة إلي نسبة من السياحة الصينية لتنشيط القطاع في مصر.