اتفق المراقبون لملف سد النهضة الاثيوبي فيما بينهم ان الاتفاق الذي وقع امس بالعاصمة السودانية الخرطوم يمثل نقطة تحول في مستقبل العلاقات المصرية الاثيوبي ،وفي نفس الوقت تمثل نقطة بداية لمفاوضات جادة وشاقة تحتاج الي الدعم السياسي المستمر من قبل الرؤساء الثلاثه حتي يتمكن الفنيون من تنفيذ طموحات شعوب النيل الشرقي «مصر والسودان، واثيوبيا» لتحقيق التنمية المستدامة دون الاضرار او تجنبها بقدر الامكان... «الاخبار» استطلعت اراء المسئولين والخبراء والوزراء السابقين حول تداعيات الاتفاق وتوقعاتهم والي التفاصيل.. البداية يؤكدها الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري والمتحدث الرسمي لملف سد النهضة أن توقيع وثيقة إعلان المبادئ الخاصة بسد النهضة 'خطوة مهمة للامام وجديدة ، وتعتبر أول وثيقة يتم توقيعها من قبل روساء الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا، كما تعبر عن حسن النوايا وبناء الثقة بين الثلاث دول خاصة وانها تضع لاول مرة مدي زمني «مهلة « للتوافق بين خبراء الدول الثلاث حول قواعد الملء الاولي لبحيرة السد، والتخزين السنوي لمياه الفيضان، وهي 15 شهرا من بداية عمل المكتب الاستشاري الدولي الذي سوف يتولي تنفيذ الدراسات الفنية للاثار الجانبية للسد سعته الحالية وتنفيذا لتوصيات اللجنة الدولية الثلاثية مايو 2013. اوضح ياسين ان الاتفاقية ضامنة لاحترام ولتنفيذ نتائج المكتب الاستشاري الذي سيتم التعاقد معه بالتوافق بين الدول الثلاث، وستكون من مهامه سعة السد، وسنوات الملء الاولي لبحيرة السد وكذلك تصميماته، وحجم مياه الفيضان التي سوف يحتجزها، وسنوات التخزين وعلاقة ذلك بحجم الفيضان وسنواته حيث تكون احيانا هناك سنوات جفاف واخري عالية،وبالتالي يتم الاتفاق علي كيفية التعامل مع ذلك وبمعني اخرسوف يؤخذ في الاعتبار السيناريوهات المختلفة والاتفاق علي قواعد التشغيل السنوي لسد النهضة. تتفق مع القوانين الدولية بينما اوضح الدكتور محمود ابو زيد وزير الموارد المائية والري الاسبق «أن النص علي الاستخدام المنصف والعادل لمياه النيل، يعني إحترام الاتفاقيات الدولية ويربط الاتفاقيات التاريخية القديمة لمياه النيل باستخدامات مصر الحالية من مياه النيل، مؤكدا ان الجوانب الفنية والقانونية للوثيقة تؤكد انها تتسق مع القواعد العامة مع مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، ولا تعني إلغاء الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولكنها تكمله، مشيرا إلي أن بيان «المبادئ» يعطي حلاً توافقيا للشواغل المصرية حول المشروع الاثيوبي. وشدد وزير الري الاسبق علي ان المبادئ الخاصة بالتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، ومبدأ بناء الثقة ،ويقصد بها الاتفاق بين الاطراف الثلاثة «مصر والسودان واثيوبيا» علي برنامج الملء الاول لخزان سد النهضة في مرحلته الاولي والتي تبلغ 14 مليار متر مكعب، بالاضافة إلي الاتفاق علي نظام يحدد قواعد تشغيل السد،وهو شئ جيد لتفادي المخاطر أو الاثار السلبية للسدود علي دولتي المنبع. أشار ابوزيد إلي أن البند الخاص بإنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود تتعلق بعدم الإضرار بمصالح دول المصب، وأن انشاء لجنة مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا تقوم بالنظر في اي امور خلافية تتعلق بالسد وتشغيله، لا يلغي عمل اللجنة الفنية بين مصر والسودان، طبقا للاتفاقية مياه النيل لعام 1959، وهو مكمل لها. وقال الدكتور ضياء الدين القوصي الخبير الدولي للمياه ومستشار وزير الري الاسبق ان توقيع قادة مصر والسودان واثيوبيا علي وثيقة المبادئ يرتبط بضرورة توثيقها في المحافل الدولية لكي يعترف العالم بمضمون الوثيقة واي نقد للاتفاقية سيتعرض للنقد من المجتمع الدولي، مشددا علي أنها خطوة لا بأس بها، خاصة وان توقيع الاثيوبيين يعد انجازاً لمصر لان الاثيوبيين اعتادوا التنصل من أي التزام. وشدد الخبير الدولي علي ان الاتفاق علي الادارة المشتركة لسد النهضة يعد إنجازا لانه يحقق لمصر والسودان الاعتراض علي أي نقص في سريان فيضان النيل في النيل الارزق بحيث تحصل مصر والسودان علي الحصة المقررة بموجب الاتفاقيات، ويستفيد الجانب الاثيوبي من أية كميات إضافية عن هذه الحصص، مشيرا إلي أن إجمالي ما يصل إلي مصر مما يسقط من مياه علي الهضبة الاثيوبية لا يشكل سوي 6 % منها، وهو ما يعني انه لا توجد أزمة مياه في اثيوبيا ولكنها مشكلة إدارة للموارد المائية لتقليل الفاقد من المياه في هذه المناطق. بينما اشار الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قطاع مياه النيل السابق ان الاتفاق اطار عام يحتاج كل بند من بنوده لتفسير من خلال مباحثات ثلاثية جديدة، مشيرا الي ان البند الخاص بالتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، تشير الي المرحلة الاولي من سد النهضة والتي تبلغ سعتها التخزينية 14 مليار متر مكعب، وهي مرحلة لا تمثل خطرا علي واردات مصر من مياه النيل، مؤكدا ان مبدأ أمان السد واحترام السيادة ووحدة أراضي الدولة سوف تفسره الدراسات الفنية التي سيتم الانتهاء منها العام المقبل، وهي الخاصة بالدراسات الهيدروليكية. بينما اوضح الدكتور عبد الفتاح مطاوع الخبير الدولي للمياه ان الاتفاق يعتبر وثيقة توافقية تمثل حلاً وسطاً بين مواقف الأطراف الموقعة عليها، وليست بالضرورة تُحقق الأهداف الكاملة لأي طرف، إلا أنها بلا شك- قد حققت مكاسب ما لكل طرف تجعله في وضع أفضل مما كان عليه قبل التوقيع علي الوثيقة. ولا شك، أن المكسب الرئيسي الذي تحقق، يتمثل في نجاح دول حوض النيل الشرقي الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) في وضع اللبنة الأولي لتعاون أكثر مؤسسية واستدامة يتعلق بمياه النيل الشرقي، ومن المنطقة أن يتبع تلك الخطوة انضمام الدولة الرابعة العضو في هذا الإطار وهي دولة جنوب السودان. سد الثغرات الفنية اوضح الدكتور خالد ابوزيد الخبير الدولي للموارد المائية بافريقيا ان الإيجابية الرئيسية التي يمنحها اتفاق المبادئ، هو أنه نجح في سد الثغرات التي كانت قائمة في المسار الفني، وأهمها التأكيد علي احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلي اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي في ضوء نتائج الدراسات، فضلاً عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.