علينا أن نعترف بأن الحادث الإرهابي البشع الذي تعرضت له الجريدة الفرنسية المعادية التي اشتهرت بانتقاداتها الكاريكاترية للاسلام والاديان الاخري هو ومعه موجات الإرهاب التي تجتاح العالم.. كلها خرجت من رحم ظلم وانانية وغباء سياسات الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. مع هذه التوجهات الغربية المناهضة للعدالة والشرعية الدولية فإن هذه الدول دأبت علي تقديم الرعاية والتمويل لجماعات الإرهاب وايواء قياداتها بهدف التآمر علي أمن واستقرار الدول والشعوب لخدمة لمصالحها ومصالح الصهيونية العالمية. في هذا المجال نذكر تجنيد واشنطن لجماعات الإرهاب لمحاربة قوات الاحتلال الروسي في افغانستان تحت شعار الجهاد. المشاركون في هذه الحرب تحولوا بعد ذلك إلي ما يسمي بتنظيم القاعدة الذي انقلب علي الولاياتالمتحدة وكان وراء تدبير الهجوم الإرهابي علي مركز التجارة الدولي في نيويورك عام 2001 الذي راح ضحيته الآلاف من الابرياء. هذه السياسات والمواقف الأمريكية لم تكن وليدة العشرين عاما الماضية ولكنها كانت امتدادا لاستراتيجية تم تبنيها علي مدي عقود مضت. كان محور هذه الاستراتيجية اقامة علاقات وتحالفات مع العديد من التنظيمات المتطرفة غير المشروعة التي احترف معظمها المتاجرة بالدين وفي مقدمتها جماعة الإرهاب الإخواني. ان صلاتها بهذه الجماعات ظلت متواصلة حتي في ظل الأنظمة الحاكمة التي كانت تربطها بها أقوي العلاقات ومثال ذلك نظام حكم مبارك. وفور اندلاع ثورة 25 يناير عمدت انتهازية وتآمرية واشنطن إلي استنفار عملائها الذي كانت قد دربتهم للمشاركة فيتمهيد الأرض والمناخ لعملية سطو حليفتها جماعة الإرهاب الإخواني علي الثورة وصولا إلي حكم مصر. بعد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 علي هذا الحكم الذي تآمر علي حضارية وتاريخية مصر والنجاح في اسقاطه- اختارت الولاياتالمتحدة الوقوف إلي جانب الجماعة التي قررت الكشف عن حقيقتها باصدار التعليمات لخلاياها للاضطلاع بمسلسل من العمليات الارهابية اليائسة علي أمل امكانية العودة إلي سدة الحكم. لم تعر إدارة أوباما الأمريكية الملتزمة بسياسة التآمر علي أمن مصر واستقرارها إي التفاف لإرادة الشعب المصري الذي وقف ويقف بصلابة في مواجهة هذه المحاولات اليائسة. كان لنجاح التصدي لهذه المؤامرة أثره علي اجبار واشنطن ودول الغرب علي المهادنة والاعتراف بالأمر الواقع الذي صنعه توحد الشعب المصري. من ناحية اخري وعلي ضوء حادث باريس الإرهابي وما سوف يتلوه من حوادث اخري في الكثير من بقاع العالم لابد أن نذكر مشروع القرار الذي كانت مصر قد تقدمت ابان حكم مبارك إلي الأممالمتحدة. هذا المقترح المصري حذر من استشراء الإرهاب وطالب بضرورة تضافر جهود العالم علي محاربته. ولأن واشنطن كانت تعتقد استنادا إلي تحالفاتها مع جماعات الإرهاب انها في منجاة هي وحلفاءها من دول الغرب من أن يطولها هذا الإرهاب.. وقفت ضد هذا المشروع. انطلاقا من هذا المخطط جري تشجيع وتمويل وتسليح هذه الجماعات الأرهابية دون ان تأخذ عبرة من كارثة نيويورك. كان هدفها من وراء ذلك تفعيل مؤامرة ضرب أمن واستقرار الدول العربية وهو ما حدث في تونس وليبيا والعراق وسوريا واليمن ومصر تحت شعار نشر ما يسمي بالفوضي الخلاقة. لم تضع واشنطن ودول الغرب في حسابها امكانية ان ينقلب السحر علي الساحر بتحول هذا الارهاب الذي صنعته إلي ممارسة نشاطه ضدها وضد الدول الغربية وهو ما حدث بالفعل في فرنسا. وفقا لهذا الذي جري ويجري أرجو أن تكون الدول الغربية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية قد استوعبت الدرس وأن تؤمن بأن الإرهاب لا صديق ولا حليف له وليس حادث باريس سوي تأكيد لهذه الحقيقة.