الحديث عن الانتخابات الأخيرة لاختيار مجلس الشعب طال وتصاعد بشكل كبير.. ليس السبب في ذلك هو من نجحوا في الانتخابات.. وأصبحوا نوابا.. وأقسموا اليمين واكتسبوا الحصانة وجاوروا سيدات الكوتة.. وانما هم الذين لم يحالفهم الحظ في هذا الخير كله. وكان يجب ان اتوقف انا وغيري عن الكلام في الانتخابات لانه اصبح - الكلام طبعا - معادا ومكررا وليس فيه جديد.. ولكن الإعلام الموازي لابد له ان يخلق قضية وان يبتكر فكرة البرلمان الموازي.. مثلما ابتكر من قبل فكرة اتحاد الطلبة الموازي.. والحكومة الموازية وحاول الترويج لفكرة الرئيس الموازي والدولة الموازية.. لكني سأحاول رغم كل هذا ان اطرح كل هذه الافكار جانبا.. وأتحدث معكم عن البرلمان القادم.. لعله يكون الحديث الاخير بيننا في هذه القضية.. أرجو ذلك. لاشك ان هناك بعض التجاوزات في بعض الدوائر.. ولكن - باعتراف اللجنة العليا القضائية للانتخابات - هي تجاوزات لم تؤثر علي النتيجة الاجمالية.. وتمت مواجهة أغلبها.. واريد ان اسأل هل هناك أي انتخابات في العالم لم تحدث بها تجاوزات.. طبعا هذا ليس مبدأ ولكني اتحدث عن حقيقة واقعة بعيدة عن أي مبدأ.. ليست الانتخابات فقط التي تحدث بها تجاوزات.. ولكن التعيينات ايضا يحدث بها ذلك ونحن لسنا ملائكة.. ولا أعني بهذا أن يتوقف الذين خرجوا من البرلمان عن التعبير عن اعتراضهم. ولكني اوجه حديثي إلي الشعب كله وليس إلي هؤلاء النواب السابقين الذين احترم الكثيرين منهم. اقول لهم إن البرلمان هو في الاصل تمثيل للشعب كله.. وفي كل دساتير العالم المكتوبة وغير المكتوبة فإن البرلمان هو مجموعة من نواب الشعب.. ينوبون عنهم في عرض مشاكل الشعب علي الحكام وتوصيل صوت الشعب ديلفري إلي اذان الحكام.. لكن الصورة الان تغيرت تماما.. والشعب أصبح اليوم هو الذي يحكم في كل العالم وفي مصر أيضا.. واصبحت الحكومة التي تحتاج إلي من يوصل صوتها الي الشعب.. لان الحكومات تعمل وتجتهد وتصيب وتخطئ.. وتتمني رضا الشعب الذين انتخبها.. أو الذين مثلنا لم ينتخبوها.. دائما تصرخ الحكومة ويصرخ الوزراء بأن الشعب لا يقدر ما يفعلونه من أجلهم.. ويلومون الرأي العام الذي لا يشعر بمدي المعاناة التي يعانونها.. ويطالبون مساعديهم ومرءوسيهم ان يشرحوا للشعب دائما كل الانجازات »العظيمة« التي يصنعونها .. وآخرها طبعا اعلان رئيس الوزراء أول أمس بأن مؤشر الغلاء انخفض لأول مرة في التاريخ في عهده الميمون.. لمجرد أن سعر الطماطم انخفض من عشرة جنيهات الي جنيه ونصف في شهر.. ولم ينظر الي اسعار الزيت والارز والسكر وكل شيء آخر. ولان حكومات زمان ليست مثل حكومة دلوقتي.. فأن برلمان دلوقتي يجب ان يكون مختلفا عن برلمان زمان.. برلمان دلوقتي يجب ان يكون هو كل الشعب وليس ممثلين عنهم.. لم نعد محتاجين لمن يقوم بتوصيل اصواتنا للحكومة.. لم نعد محتاجين لمن يراقب بالنيابة عنا.. ومن يشرع من أجلنا.. نحن قادرون بأنفسنا علي ذلك، نحن قادرون علي ان نقول للحكومة انها اصابت أو اخطأت.. قادرون علي ان نراقب اداءها ونحاسبها الحساب العسير. قادرون علي ان نشرع لانفسنا وان نرسم لأنفسنا طريق حياتنا. لسنا في حاجة إلي برلمان مواز.. لاننا لم نعد في حاجة إلي برلمان أصلا.. وكثير من دول العالم بدأت تفكر في هذا الامر.. وبدأت تأخذ اجراءاتها لذلك فعلا.. ولديها.. ولدينا أيضا كل الوسائل التي تجعلنا نوصل كلامنا ونراقب ونشرع.. وكل ذلك بأجهزة اصبحت رخيصة وفي متناول كل يد. برلمان الشعب كله ليس فيه حكومة ولا معارضة.. ليس فيه مسلمون ولا أقباط.. ليس فيه كوتة.. ولا توتة توتة.. خلصت الحدوتة.