كلمة واحدة تكفى للتعبير عما حدث.. وهى «باااطل»... وربما «باطل.. ونص»، على طريقة نانسى عجرم، حين تقول «آه.. ونص».. فهناك اتفاق عام على أن ما حدث حماقة كبرى.. أدت إلى إضعاف سمعة مصر وصورتها أكثر وأكثر، بعد الانتخابات، كما قال الدكتور مصطفى السعيد.. الذى أصبح صوتاً معارضاً، بعد أن كان رئيس أهم لجنة برلمانية على مدى سنوات! شهود العيان يحكون حكايات غريبة جداً عن التزوير.. بعضهم شارك فى تسويد البطاقات، ووضعها فى الصناديق.. هؤلاء يقولون إن «الحكومة» كانت قد قرأت فاتحة بعض النواب القدامى.. وقررت إنجاح آخرين.. يقال إن قراراً سياسياً قد صدر بشأنهم.. من أجل الديمقراطية.. والحكومة هنا هى الشرطة.. التى تقرأ الفاتحة.. وتطلق القنابل المسيلة للدموع أحياناً.. وتغمض عينيها عن التزوير.. وبالتالى ظهر نواب جدد بمباركة أمن الدولة! لا أحد ينكر أن هناك نواباً دخلوا البرلمان دون أن تكون عندهم مؤهلات برلمانية.. لكنهم نجحوا.. ولا أحد ينكر من النواب أنفسهم أنهم لا يعرفون كيف نجحوا.. ولا ماذا حدث.. ولا كيف تم التسويد.. ولا متى تم ذلك.. لكنهم بالتأكيد قد تلقوا تليفونات من «جهة ما».. تقول لأحدهم: «مبروك».. خد رجالتك وروح.. وحط فى بطنك بطيخة صيفى! هؤلاء الآن أصبحوا نواباً داخل المجلس.. وهؤلاء الآن استخرجوا كارنيهات العضوية.. وأدوا اليمين الدستورية.. وأصبحوا نواباً يتمتعون بالحصانة.. ومن الآن لا أحد يستطيع أن يخرجهم من البرلمان غير الموت.. فالمجلس سيد قراره.. والدولة جاهزة بالتعويض، حتى يكون هناك نواب يمثلون أحزابهم.. مع أنهم الآن يمثلون الجهة صاحبة الفضل.. وهى أمن الدولة! معنى هذا أن هناك نواباً مزيفين، مكان نواب أصليين.. يتمتعون بالشعبية، ومعنى هذا أن عضوية كثيرين باطلة.. ومعنى هذا أن البرلمان باطل.. لأنه لا يمثل الأمة.. ولا حتى يمثل الأغلبية.. والرئيس مبارك نفسه قال: «كرئيس لمصر.. كنت أود لو حققت باقى الأحزاب نتائج أفضل».. فمن الذى جعلهم خارج السياق؟.. ومن الذى حال بينهم وبين وعد الرئيس؟! حماقة الذين أداروا الانتخابات هى السبب فى كل ما جرى.. وحماقة الذين خططوا لاستبعاد الجميع هى التى جعلت المجلس «باطل».. وهى التى جعلت المظاهرات تملأ الشوارع.. وهى التى جعلت المسيرات فرض عين على كل مصرى ومصرية.. وهى التى جعلت البابا شنودة يعتكف.. وهى التى جعلت فضيحتنا بجلاجل أمام العالمين.. وهى التى تجعل من الضرورى تشكيل «برلمان موازٍ» الآن وليس غداً!! وإذا كنا نتفق على أن المجلس فيه نواب أمن دولة، بالمعنى الذى قصدناه.. فمعنى هذا أن المجلس باطل.. وإذا كنا نتفق أن هناك أيضاً حوالى 50 لواء شرطة داخل المجلس.. نجحوا بالدعم اللوجيستى، فمعنى هذا أنه «مجلس أمن»، وليس «مجلس شعب».. وإذا كنا نتفق أن هناك من اغتصبوا مقاعد غيرهم.. فلابد أن المجلس باطل.. ولابد أن يُلاحَق محلياً ودولياً وجنائياً! لا شك أن نية التزوير كانت مبيتة.. ولا شك أن الرغبة فى التزوير والاستبعاد كانت قائمة.. وقد بدأ ذلك بإلغاء تجربة «قاض لكل صندوق».. ثم إجراء العملية على مرحلة واحدة.. ثم التخطيط لاستبعاد الجميع.. معارضة وجماعة إخوان.. فلما «غرق» النظام قرر أن يلحق نفسه فى جولة الإعادة، بعدد من النواب، الذين أدركهم القرار السياسى.. أو أنهم فى الأصل كانوا نواب أمن دولة!!