بعض اسماء الشوارع في القاهرة تثير العجب، خاصة اذا تعلق الأمر بالتاريخ الوطني لمصر، في القاهرة شارع رئيسي بمنطقة الزيتون اسمه سليم الأول، يوازيه من الجانب الآخر شارع طومانباي. الأول قتل الثاني في مشهد رهيب من مشاهد التاريخ الوطني وصفه الدكتور حسين فوزي في كتابه الرائع »سندباد مصر« نقلا عن المؤرخ ابن اياس الذي عاصر الغزو العثماني البشع لمصر والذي يمكن اعتباره أقسي احتلال تعرضت له مصر مع الغزو الفارسي الذي أهان الحضارة المصرية ومعتقدات المصريين القدماء، ولولا أن الرمال دفنت جيش قمبيز في الصحراء الغربية لفني المصريون تماما، وجود شارع طومانباي مبرر تاريخيا وانسانيا فهذا سلطان مملوكي مصري، آخر من تولي بعد استشهاد السلطان قنصوه الغوري في مرج دابق شمال حلب. خلال احدي زياراتي لسوريا حرصت علي التوجه الي مرج دابق وتأملت طويلا موقع المعركة التي تقرر فيها مصير مصر لعدة قرون وكدت استمع الي صيحات الغوري وهو يستحث جنوده »يارجال قاتلوا وعليّ رضاكم«، لكن الخيانة عملت عملها بعد موالسة الاميرين جان بردي الغزالي وخاير بك الذي أطلق عليه الشعب مصر خاين بك. حارب طومانباي بشجاعة وقاوم العثمانيين الأجلاف وعندما تمكنوا منه ودفعوا به الي منصة الاعدام عند باب زويلة نظرا الي الجلاد وأمره قائلا: اعمل شغلك، فصلوا رأسه وعلقوه ثلاثة ايام علي باب زويلة، وبدأت اسود فترة في تاريخ مصر استمرت حتي اعتلاء محمد علي باشا ولاية مصر واستقلاله بها عن السلطان العثماني وتأسيسه الدولة الحديثة. ماذا فعل سليم العثماني السفاح بمصر، لقد اطلق جنوده الهمج لقتل المصريين بدون تمييز، ثم بدأ نهب حضارة كاملة، وطبقا للمؤرخ المعاصر ابن اياس بطلت من مصر بعد الغزو ثلاثة وخمسين حرفة أي فنا، نقل الفنانين المصريين المبدعين من خطاطين ومزخرفين ومبيضين وخطاطين ونساجين الي استانبول، يذكر ابن اياس في تاريخه غرق ثلاثة سفن كبيرة كانت محملة بالفنانين المصريين، يورد اسماءهم جميعا، لقد حقق سليم العثماني مااستهدفه الاخوان وحليفهم العثماني المعاصر اردوجان، هدم الدولة المصرية، وعمت الفوضي، تقطعت الطرق بين الاقاليم، وكان النيل يفيض علي الضفتين ويغمر الاراضي فلا تجد من يزرعها، اختفت نظم الري التي تتحكم فيها الدولة، انتشرت المجاعات، أكل الناس القطط والكلاب الميتة وفي مراحل معينة اكلوا بعضهم بعضا، الحصيلة نقصان تعداد السكان من تسعة ملايين زمن الغوري وطومانباي الي مليونين ونصف المليون طبقا لاحصاء نابليون بونابرت الذي جاء الي مصر بعد حوالي ثلاثة قرون فكان ارحم بالمصريين من سليم السفاح الذي استباح مصر والمصريين. ارجو من محافظ القاهرة المحترم جلال السعيد، ان يطالع فظائع سليم الاول في المصادر التاريخية المعاصرة وما فعله العثمانيون البرابرة بمصر عند الغزو وتحت حكمهم الذي استمر ثلاثة قرون، اثق انه سيصدر فوراً قراراً بتغيير اسم هذا الشارع الرئيسي فورا، هل تطلق امة في العالم إسم أحد من دمروا حضارتها علي شارع فيها؟ لم اعرف إلا في مصر، غير أن امكانية التصحيح قائمة وضرورية الآن.