ما هو الاحتلال؟ إنه اخراج الامور المستقرة عن سياقها، الدفع بها في اتجاه مجهول مغاير لطبيعتها وعناصرها الاساسية. السياسة، الاقتصاد، التفاصيل المتعلقة بحياة الناس. هذا ما جري مع الغزو العثماني بعد هزيمة الجيش المصري في مرج دابق شمال حلب واستشهاد السلطان الغوري، دخل السفاح سليم الاول الي مصر فأبطل حضارة كاملة، نقل الي استانبول ثلاث وخمسين صنعة أي فنا، معماريين وخطاطين ورسامين ومرخمين »صناع رخام« ونساجين وعقادين وفنانين في شتي المجالات. هذا مالم يحدث من الفرنسيين أو الانجليز الذين سيجيئون فيما بعد، بدأ سليم الأول هدم الدولة والحاق مصر بالامبراطورية، ان التفاصيل المصاحبة لهدم الدولة المصرية واستبدالها مرعبة، مصر دولة مركزية وقلقلت الأسس التي تقوم عليها البنية يصاحبها زلازل وانهيارات تطال حياة البشر، انتشرت عصابات الانكشارية ومكونات الجيش العثماني لتنهب الاخضر واليابس في مصر. ولتفسق في الناس، هنا يجب أن نقرأ مصادر العصر العثماني لنعرف ما جري في مصر. خاصة الجبرتي، ما بين دخول مصر من قبل سليم الاول ودخول نابليون بونابرت حوالي قرنين من الزمان. في عام 7151 كان تعداد سكان مصر حوالي ثمانية ملايين، في عام 8971 أصبح سكان المحروسة مليونين ونصف، أي أن حوالي خمسة ملايين ونصف مليون فقدوا أرواحهم في المذابح اليومية. في قطع الطرق التي أصبح السفر عبرها صعبا جدا، في الاوبئة المصاحبة لتدهور الاحوال الصحية، خاصة بعد نقص ماء النيل في الفيضان والذي يعقب نقصه اختفاء الغلال. والمواد الغذائية. عندئذ يبدأ الناس في أكل الحيوانات ثم الميتة ولحم الخنزير، ويصل الأمر في بعض الاحيان الي أكل البشر لبعضهم بعضا.