جري ذلك منذ خمسمائة عام وبضع سنوات آُخر، كانت مصر تحت حكم سلاطين المماليك والذي مّر بمراحل ثلاث، الايوبية، والبحرية نسبة إلي جزيرة الروضة التي كانت مقراً للحكم واسرة قلاوون قبل انتقال مركز السلطة إلي القلعة - ثم المماليك البرجية الشراكسة والذي بدأ بالسلطان برقدق وانتهي بالسلطان طومانباي الذي حارب حتي اللحظة الاخيرة وشنق وعلقت رأسه علي باب زويلة مسدلا الستار علي نهاية الدولة المصرية وحلول وتمكين العثمانيين الغزاة الذين دمروا مصر لمدة مائتي عام حتي مجيء الحملة الفرنسية وظهور محمد علي العظيم الذي أدرك رغم أصوله عبقرية المصريين، كان المماليك ذوي اصول اجنبية، جاءوا إلي مصر اطفالا مخطوفين من سهوب آسيا وشمال اوروبا، هكذا كانت ظروف العصر، نشأوا في مصر لا يعرفون وطناً غيرها، تعلموا في القلعة، وفقا لمناهج وبرامج صارمة، حموا العالم الاسلامي من خطرين داهمين، المغول والتتار، وحرروا الشام من الصليبيين، غير ان الفساد نخر في البنية، وكذلك الضعف الاقتصادي بعد اكتشاف رأس رجاء الصالح، جري ذلك مع صعود الدولة العثمانية، والتي كانت تحارب في اتجاه الغرب، ثم طمع السلاطين في مصر. وبذلك فقدت الدولة العثمانية الاساس الذي قامت عليه، الحرب في اتجاه الغرب والدفاع عن الاسلام، أفتي الفقهاء المنافقون الجاهزون دوما بغزو مصر، ويذكر ادليا جلبي الرحالة التركي »نص الرحلة منشور بدار الكتب أثناء ولاية الدكتور صابر عرب في ترجمة كاملة« ان بعضهم قدم أحاديث نبوية إلي السلطان سليم الأول جاء فيها انه سيتم فتح مصر بواسطته، هُزم السلطان الغوري في مرج دابق شمال حلب، ومنذ أعوام زرت المكان وتوقفت فيه طويلا فقد تقرر فيه مصير وطني مصر، وفتح الطريق إلي القاهرة ليبدأ أبشع استعمار عرفته مصر، بدأ بتدمير الدولة وحل العصب الدفين، وتفاصيل ما جري لمصر تحت الاحتلال المصري مخيفة ما أشد الحاجة إلي التذكير بها واستعادتها، انصح بقراءة »بدائع الزهور في وقائع الدهور« لابن اياس والذي انشد قصيدة مؤثرة عند دخول العثمانيين إلي القاهرة، تعتبر دليلا علي حيوية الوطنية المصرية الكامنة في العصور الوسطي يقول في بدايتها: نوحوا علي مصر لأمر قد جري عمت مصيبته كل الوري