عقد المؤتمر الدولي للدارسين للشئون الصينية جلسة خاصة لمناقشة موضوع الدراسات الصينية في مختلف مناطق العالم، وقد شاركت في جزء من أعمال هذه الجلسة الخاصة، وقدمت كلمة عن حالة الدراسات الصينية في الدول العربية بوجه خاص، فأوضحت أن البحث في الشئون الصينية لدي الباحثين العرب سادته عدة مناهج، نعرض لها بايجاز، ولكن بعد تقديم أربع ملاحظات مبدئية: الملاحظة الأولي: إن هذه الدراسات حديثة العهد وبخاصة فقد تطورت منذ نجاح الثورة الشيوعية في الصين بعد عام 9491. الملاحظة الثانية: إن هذه الدراسات اعتمدت أساسا علي الكتابات الغربية سواء في أمريكا أو في أوروبا الغربية أو الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية أو المصادر الصينية المترجمة للغة العربية. الملاحظة الثالثة: إن معظم الدارسين العرب ينتمون إلي مجالات عديدة، من تخصصات العلوم الاجتماعية سواء علم النفس، الآداب، العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الاقتصاد. الملاحظة الرابعة: إن معظم الدارسين العرب معجبون بالصين وحضارتها وتجربتها وليسوا ناقدين أو معارضين لها فالاعجاب والاشادة في معظم الأحيان هو منهجهم في التحليل السياسي والاجتماعي والاقتصادي للتجربة الصينية. وبصفة عامة يمكن تقسيم الدراسات المصرية خاصة والعربية عامة إلي المناهج الخمسة التالية: الأول: المنهج الإيديولوجي، واعتمد هذا المنهج العديد من السياسيين والدارسين من الشيوعيين المصريين والعرب منذ قيام الثورة البلشفية في روسيا عام 7191، وبروز الحزب الشيوعي الصيني رسميا عام 1291 بعد ثورة الطلاب المشهورة عام 9191 ولعل من أبرز الباحثين من هذه المدرسة الكاتب المصري محمد عودة والدكتور أنور عبدالملك والأستاذ أحمد حمروش. الثاني: المنهج الفلسفي والنفسي، وتأثر بهذا المنهج عدد من الباحثين والأكاديميين أمثال الدكتور حسن سعفان في كتابه »كونفوشيوس: النبي الصيني«، فؤاد شبل »حكمة الصين«، وأيضا الدكتور أنور عبدالملك في كتاباته العديدة من حضارة الصين واليابان. الثالث: المنهج الثقافي اللغوي، وتأثر بذلك المتخصصون Sinologist في جامعة عين شمس بوجه خاص الذين تعمقوا في دراسة اللغة الصينية والثقافة الصينية وترجموا عدة روايات صينية هامة، كما كتب بعضهم دراسات سياسية واقتصادية في السنوات الأخيرة معظمها مترجم من اللغة الصينية ومن هؤلاء الباحثين كتابات الدكتور عبدالعزيز حمدي من جامعة عين شمس. الرابع: المنهج الاقتصادي في إطار الاعجاب بالتقدم الصيني أو المعجزة الصينية في التقدم وبخاصة د. محمود عبدالفضيل، السيد شوقي جلال المترجم المشهور والكاتب السياسي أيضا، وعدد من كبار الصحفيين أمثال إبراهيم نافع ورجب البنا ومحمد سيد أحمد وغيرهم، وغيره. الخامس: المنهج السياسي ثم المنهج المتعدد الاتجاهات وبخاصة من قبل دارسي العلوم السياسية، وركز بعضهم علي مجالات محددة مثل السياسة الخارجية للصين أو العلاقات الصينية السوفيتية أو العلاقات الصينية المصرية أو العلاقات الصينية المصرية الهندية ومن هؤلاء الدكتورة هناء أحمد ضياء في دراستها للماجستير في العلوم السياسية بجامعة القاهرة والأساتذة طارق مسعود وعبدالحليم هريدي، وليلي اسكندر وغيرهم من خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ولكن كثيرا منهم لم يواصلوا اهتماماتهم بالصين، وأيضا الدبلوماسي المصري ياسر هاشم، والصحفي والكاتب حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير مجلة الصين اليوم التي تصدر باللغة العربية في كتابه سفر الصين و هو كتاب ذو صبغة بانورامية. وتأتي دراسات وبحوث الدكتور محمد نعمان جلال بوجه خاص، والتي بدأت منذ 5691 عن الثورة الثقافية البروليتاريا التي انطلقت بداياتها عام 5691 وعلي الأخص من أغسطس 6691 وكانت موضوع دراسة الماجستير له وحللت التطور السياسي في معمعة الثورة الثقافية سعيا للبحث عن نموذج للتطور الصيني، ومن ثم حللت الثقافية التقليدية ومدي تأثيرها، والجيش ودوره، والاقتصاد وتأثيره، والحزب وكوادره، كما نشر كتابه الأول عن الثقافة والتغير السياسي في الصين، ثم تابع ذلك بدراسة للدكتوراه عن العلاقات الصينية اليابانية دراسة في العلاقات الدولية ودور الدبلوماسية الشعبية في علاقات الدولتين في الفترة من 9491 إلي 2791 وتمثل دراسات نعمان جلال نموذجا للمنهج المتعدد. كاتب المقال : خبير في الدراسات الدولية والصينية