رغم الاحداث الجسام التي طرأت علي مصر والمنطقة والعالم طوال السنوات الاربعين الماضية منذ عام 3791 وحتي الآن، سيظل نصر أكتوبر رمزا حيا للكرامة الوطنية والفداء من اجل الوطن، ودليلا قائما علي شجاعة وحكمة قادة وضباط وجنود مصر البواسل، الذين اتخذوا قرار حرب التحرير المقدسة، وسط ظروف اقليمية ودولية بالغة الصعوبة والتعقيد، وخططوا لحرب النصر بكل الخبرة والعلم، وأداروا معاركها بكل الجسارة والاعجاز. لقد أصبح من حق هؤلاء القادة والجنود، أبناء مصر ما نالوه من حب وتقدير كل المصريين، لأنهم كانوا رجالا بحق، صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه، ولم ترهبهم الاباطيل الكاذبة، التي راح العدو يطلقها عن نفسه، ويشيعها حول قوته التي لا تقهر، وجيشه الذي لا يهزم، وزراعه الطويلة التي لا تكسر. ورغم ادعاءات العدو فقد جيء بشمس أكتوبر الساطعة، تكشف كل أكاذيبه، وتكتسح كل أوهامه، وتحطم كل الاساطير التي روجها عن قوته وقدرته، وهو ما أجبر العالم كله علي احترام مصر وجيشها والاعتراف بقدرة أبنائها علي قهر الهزيمة وتحقيق النصر. واذا كانت الغالبية منا نحن أبناء مصر، لم تعاصر هذه الملحمة الخالدة كما هو حال كل الشباب وهم الغالبية فإن الواجب علي من عاشوها وكانوا شهودا عليها، وخاصة من نالوا شرف المشاركة فيها، أن يذكروا لهم ما جري وما كان في تلك الملحمة الخالدة علي مر الزمن، وتوالي السنين، بمعاركها الشرسة وبطولاتها الرائعة. وعلي الجانب الاخر وحتي لا ينسي العدو أو يتناسي ما حدث في هذه الملحمة، فإن واجبنا ان نذكرهم بالإنهيار الذي أصابهم وزعزع قادتهم، بعد ساعات فقط من بداية العبور العظيم، وفي لحظة تأكدهم من الوجود الكثيف لقواتنا علي الضفة الشرقية للقناة، واحاطتها بهم من كل اتجاه وتحطيمها لخط بارليف الحصين، الذي تصوروه مانعا دون عبور المصريين، فإذا به يتحول الي مقبرة لجنودهم وضباطهم المحتلين. ولشباب مصر وللاجيال التي لم تعاصر هذه اللحظات الخالدة، ولم تعايش لحظات العبور والنصر في السادس من أكتوبر 3791 نقول، ان حرب أكتوبر لم تكن مجرد معارك عسكرية ناجحة او نصر مؤزر لجيش مصر الباسل فقط، بل كانت في حقيقتها تأكيدا علي وطنية ابناء مصر وعشقهم لترابها واستعدادهم في كل لحظة للتضحية بالروح في سبيل عزتها وحريتها واستقلالها.