تجلت أهم أهداف ثورة يناير في هدم معبد نظام أضر بمصر دهراً وجعلها طُعمة لأراذل الدول والشعوب، ورغم أن كُبراء هذا النظام قد تركوا مصر يباباً خراباً، لا لبن في ضرعها ولا لحم علي عظمها، فإن الجميع قد ارتضي أن يكون القضاء هو الفيصل في تجريم هذه الطغمة أو تبرئتها..لا فرق بعد ذلك مادام الناس قد ارتضوا شريعة القانون التي لا تأخذ بغير الأدلة القاطعة، ونبذوا شريعة الغاب والمحاكمات الثورية التي لا تعرف غير المشنقة والمقصلة سبيلا لتحقيق مآربها في التغيير، حتي إذا حكم القضاء علي فصيل بالعقاب لذنب جنته يداه ثارت جماهير الطرف الآخر رافضة هذا الحكم، وتحت غطاء الثورة قامت بالتخريب والفوضي، محملة الرئيس نفسه مسئولية ما قاموا به - هم - من حرائق، مع أن الرئيس كما قال الشاعر: ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء..لم يعمل يوماً واحداً دون أن تنوشه رماح مناوئيه وألسنتهم.. فهل هذه هي الديمقراطية التي تُنادي بها جبهة الخراب الوطني، أو أولئك القابعون خلف الكاميرات من ناعقي فضائيات السوء الذين لا يخدمون إلاّ لقمة العيش الحرام التي امتصها أسيادهم من دماء الشعب الذي يُماينون عليه بأنهم لا يرجون إلاّ مصلحته، ووراء الأكمة ما وراءها، كما يقول اللغويون. لا أدافع هنا عن فصيل أو رئيس، ولا يعنيني إلاّ وجه الوطن الذي شوهه المأفونون ومدعو الثورية، والمأجورون من رجال أعمال نظام مبارك، الذين يبذلون وسعهم في عودة المياه الآسنة إلي مجاريها النجسة، مُلبسين الحق بالباطل، في أكبر حركة في التاريخ المصري لتزييف مخايل الناس وأهوائهم، ورغم أنهم حاولوا وصم قرارات الرئيس الأخيرة بالحدة، إلاّ أنني أراها قرارات لينة هينة مقارنة بما يجب اتخاذه لرد كيد هؤلاء في نحورهم، وحتي لا تكون فتنة، ولا نكون كما قال المتنبي : نامت نواطير مصر عن ثعالبها وقد بشمن وما تفني العناقيد!!