تحدثت الاسبوع الماضي عن انقياء القلب والضمير والعقل ،الذين تتربص بهم النفوس الشريرة المغيبة بالجهل والتعصب ، ضاربا المثل بالمهاتما غاندي ، اليوم نتحدث عن غاندي آخر هو افقر وأكرم رئيس في العالم ، لنتبين ان الزهاد دائما لهم المجد . قبل ان يتولي خوسيه موخيكا " 76 عاما " الرئاسة في مارس 0102 كانت الأورجواي من أكثر الدول التي تعاني من الفساد وفق تقارير وفق منظمة الشفافية العالمية ، تقارير نفس المنظمة تؤكد الآن أن معدل الفساد في الأوروجواي انخفض خلال ولايتة لتصبح بلاده الثانية في قائمة الدول الأقل فسادا في أميركا اللاتينية ، موخيكا المحارب اليساري الزاهد الذي يعيش حياة البسطاء ، أثبت بسلوكه ان الفساد يبدأ من رأس السمكة ، مرتب موخيكا 21 الف وخمسمائة دولار يتنازل عن 09٪ منها شهريا للجمعيات الخيرية ويستبقي لنفسه 1250 دولارا يعيش بها مع زوجته " عضو مجلس الشيوخ " في بيتها الريفي المتواضع، ومنه تعلمت ان تتنازل عن ربع راتبها لعمل الخير ، الرئيس موخيكا يرتدي ملابس متواضعه جدا ، لم يظهر في حياته برابطة عنق ، يحصد ما يزرعه ويرويه في مزرعة زوجته البسيطة بنفسه ، يتولي حراسته عدد محدود جدا من رجال الشرطة ، حلاقه الخاص بسيط مثله ، يذهب لمكتبه الرئاسي الذي يتسم بالتواضع الشديد في ديكورات واثاثه بسيارته الخاصة من طراز " فولكس واجن بيتل " التي يقدر ثمنها ب 1950 دولار أميركي ، وهي كل ما يملك إلي جانب البيت الريفي الذي نقلت زوجته ملكيته إليه، لا توجد لديه ارصدة في البنوك ، وليس مدينا لأحد ، لهذا فهو قريب من الناس ، يجسد كل قيم التضامن والمعايشة المطلوبه من الرئيس تجاه شعبه ، فإذ ما وجد الشعب قدوته تمثل به وسانده. مع اقتراب فصل الشتاء القارس في الاورجواي وجه الرئيس موخيكا حكومته لأستعمال بعض أجنحة القصر الرئاسي لتوفير المأوي للمشردين في حالة عدم كفاية المراكز الموجودة في العاصمة،سبق له ان احتضن في مايو من العام الماضي في نفس القصرامرأة وأبناءها المشردين حتي وجدت لهم المصالح الاجتماعية مأوي ، هذا القصر الرئاسي يعتبر افخم مبني في العاصمة ، لكن موخيكا تخلي عن الاقامة بالقصر بوصوله للرئاسة ، باستثناء اللقاءات الرسمية التي يستقبل فيها قادة الدول الاجنبية بهذا القصر . موخيكا الذي حصل علي اعترافا دوليا بأنه "افقر رئيس في العالم" ، اختارته مجلة فورين بوليسي الأمريكية في المركز الخامس من بين أفضل 01 رؤساء في ، من أشهر الجمل التي يرددها " لابد من الاستثمار أولا وعاشرا في التعليم ، فالشعب المتعلم لديه أفضل الخيارات في الحياة ومن الصعب أن يتعرض لمكائد أو خداع الفاسدين ". إلا يذكرنا الرئيس موخيكا بأنه " غاندي " الأورجواي ، أوالرئيس اللاتيني المنتخب الذي يسيرعلي نهج الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الملقب بخامس الخلفاء الراشدين؟ ، مع العلم بأن موخيكا ليس من المسلمين !